٦٨ - وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أَصَابَهُ قَيْءٌ أَوْ رُعَافٌ، أَوْ قَلْسٌ، أَوْ مَذْيٌ فَلْيَتَوَضَّأْ، ثُمَّ لِيَبْنِ عَلَى صَلَاتِهِ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ لَا يَتَكَلَّمُ». أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ.
الْقَدْحُ فِيهِ بِأَنَّ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ " الرَّاوِي لَهُ عَنْ أَبِيهِ، غَيْرُ صَحِيحٍ، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ أَبِيهِ، فَانْدَفَعَ الْقَدْحُ وَصَحَّ الْحَدِيثُ.:
وَبِهِ اسْتَدَلَّ مَنْ سَمِعْت مِنْ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ، وَأَحْمَدُ، وَالشَّافِعِيُّ، عَلَى نَقْضِ مَسِّ الذَّكَرِ لِلْوُضُوءِ.
وَالْمُرَادُ مَسُّهُ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ " أَبِي هُرَيْرَةَ " «إذَا أَفْضَى أَحَدُكُمْ بِيَدِهِ إلَى فَرْجِهِ لَيْسَ دُونَهَا حِجَابٌ وَلَا سِتْرٌ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ» وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ؛ قَالَ ابْنُ السَّكَنِ: هُوَ أَجْوَدُ مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ.
وَزَعَمَتْ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّ الْإِفْضَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا بِبَاطِنِ الْكَفِّ، وَأَنَّهُ لَا نَقْضَ إذَا مَسَّ الذَّكَرَ بِظَاهِرِ كَفِّهِ. وَرَدَّ عَلَيْهِمْ الْمُحَقِّقُونَ بِأَنَّ الْإِفْضَاءَ: لُغَةً الْوُصُولُ، أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِبَاطِنِ الْكَفِّ أَوْ ظَاهِرِهَا.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: لَا دَلِيلَ عَلَى مَا قَالُوهُ لَا مِنْ كِتَابٍ، وَلَا سُنَّةٍ، وَلَا إجْمَاعٍ، وَلَا قَوْلِ صَاحِبٍ وَلَا قِيَاسٍ، وَلَا رَأْيٍ صَحِيحٍ.:
وَأَيَّدَتْ أَحَادِيثَ بُسْرَةَ " أَحَادِيثُ أُخَرُ عَنْ سَبْعَةَ عَشَرَ صَحَابِيًّا مُخَرَّجَةً فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ، وَمِنْهُمْ طَلْقُ بْنُ عَلِيٍّ " رَاوِي حَدِيثِ عَدَمِ النَّقْضِ، وَتَأَوَّلَ مَنْ ذَكَرَ حَدِيثَهُ فِي عَدَمِ النَّقْضِ بِأَنَّهُ كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ، فَإِنَّهُ قَدِمَ فِي أَوَّلِ الْهِجْرَةِ قَبْلَ عِمَارَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسْجِدَهُ، فَحَدِيثُهُ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ بُسْرَةَ "، فَإِنَّهَا مُتَأَخِّرَةُ الْإِسْلَامِ، وَأَحْسَنُ مِنْ الْقَوْلِ بِالنَّسْخِ الْقَوْلُ بِالتَّرْجِيحِ، فَإِنَّ حَدِيثَ بُسْرَةَ " أَرْجَحُ، لِكَثْرَةِ مَنْ صَحَّحَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ، وَلِكَثْرَةِ شَوَاهِدِهِ، وَلِأَنَّ بُسْرَةَ " حَدَّثَتْ فِي دَارِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَهُمْ مُتَوَافِرُونَ، وَلَمْ يَدْفَعْهُ أَحَدٌ، بَلْ عَلِمْنَا أَنَّ بَعْضَهُمْ صَارَ إلَيْهِ، وَصَارَ إلَيْهِ عُرْوَةُ " عَنْ رِوَايَتِهَا، فَإِنَّهُ رَجَعَ إلَى قَوْلِهَا، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يَدْفَعُهُ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُحَدِّثُ بِهِ عَنْهَا وَلَمْ يَزَلْ يَتَوَضَّأُ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ إلَى أَنْ مَاتَ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: يَكْفِي فِي تَرْجِيحِ حَدِيثِ بُسْرَةَ عَلَى حَدِيثِ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ ": أَنَّهُ لَمْ يُخَرِّجْهُ صَاحِبَا الصَّحِيحِ، وَلَمْ يُحْتَجَّ بِأَحَدٍ مِنْ رُوَاتِهِ، وَقَدْ اُحْتُجَّ بِجَمِيعِ رُوَاةِ حَدِيثِ بُسْرَةَ "، ثُمَّ إنَّ حَدِيثَ طَلْقٍ " مِنْ رِوَايَةِ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ ". قَالَ الشَّافِعِيُّ: قَدْ سَأَلْنَا عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ " فَلَمْ نَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهُ، فَمَا يَكُونُ لَنَا قَبُولُ خَبَرِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو زُرْعَةَ: قَيْسُ بْنُ طَلْقٍ " لَيْسَ فِيمَنْ تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ وَوَهَّيَاهُ. وَأَمَّا مَالِكٌ فَلَمَّا تَعَارَضَ الْحَدِيثَانِ، قَالَ بِالْوُضُوءِ، مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ نَدْبًا لَا وُجُوبًا.
وَعَنْ عَائِشَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أَصَابَهُ قَيْءٌ أَوْ رُعَافٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute