١٣٦٥ - وَعَنْهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ، وَإِذَا شَرِبَ فَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ، وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
فِي الْوَعِيدِ، وَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ زَائِدًا عَلَى قَدْرِ لَابِسِهِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ جِهَةِ الْإِسْرَافِ مُحَرَّمٌ لِأَجْلِهِ، وَلِأَجْلِ التَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ، وَلِأَجْلِ أَنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِهِ النَّجَاسَةُ.
وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُجَاوِزَ بِثَوْبِهِ كَعْبَهُ فَيَقُولُ لَا أَجُرُّهُ خُيَلَاءَ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ قَدْ تَنَاوَلَهُ لَفْظًا، وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ يَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظُ أَنْ يُخَالِفَهُ إذَا صَارَ حُكْمُهُ أَنْ يَقُولَ لَا أَمْتَثِلُهُ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ لَيْسَتْ فِي فَإِنَّهَا دَعْوَى غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ بَلْ إطَالَةُ ذَيْلِهِ دَالَّةٌ عَلَى تَكَبُّرِهِ ا. هـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِسْبَالَ يَسْتَلْزِمُ جَرَّ الثَّوْبِ وَجَرُّ الثَّوْبِ يَسْتَلْزِمُ الْخُيَلَاءَ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ اللَّابِسُ وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ مَنِيعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ رَفَعَهُ «إيَّاكَ وَجَرَّ الْإِزَارِ فَإِنَّ جَرَّ الْإِزَارِ مِنْ الْمَخِيلَةِ».
وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ وَفِي قِصَّةٍ لِعَمْرِو بْنِ زُرَارَةَ الْأَنْصَارِيِّ «إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُسْبِلَ» وَالْقِصَّةُ أَنَّ «أَبَا أُمَامَةَ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ لَحِقَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ الْأَنْصَارِيُّ فِي حُلَّةٍ إزَارٍ وَرِدَاءٍ قَدْ أُسْبِلَ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْخُذُ بِنَاحِيَةِ ثَوْبِهِ وَيَتَوَاضَعُ لِلَّهِ وَيَقُولُ: عَبْدُك وَابْنُ عَبْدِك وَأَمَتِك. حَتَّى سَمِعَهَا عَمْرٌو فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي حَمْشُ السَّاقَيْنِ فَقَالَ: يَا عَمْرُو إنَّ اللَّهَ قَدْ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُسْبِلَ» وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ زُرَارَةَ وَفِيهِ «وَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَ أَصَابِعَ تَحْتَ رُكْبَةِ عَمْرٍو وَقَالَ: يَا عَمْرُو وَهَذَا مَوْضِعُ الْإِزَارِ. ثُمَّ ضَرَبَ بِأَرْبَعِ أَصَابِعَ تَحْتَ الْأَرْبَعِ ثُمَّ قَالَ: يَا عَمْرُو وَهَذَا مَوْضِعُ الْإِزَارِ» الْحَدِيثَ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
وَحُكْمُ غَيْرِ الثَّوْبِ وَالْإِزَارِ حُكْمُهُمَا وَكَذَلِكَ لَمَّا سَأَلَ شُعْبَةُ مُحَارِبَ بْنَ دِثَارٍ قَالَ شُعْبَةُ أَذَكَرَ الْإِزَارَ؟ قَالَ مَا خَصَّ إزَارًا وَلَا قَمِيصًا وَمَقْصُودُهُ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالثَّوْبِ يَشْمَلُ الْإِزَارَ وَغَيْرَهُ. وَأَخْرَجَ أَهْلُ السُّنَنِ إلَّا التِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْإِسْبَالُ فِي الْإِزَارِ وَالْقَمِيصِ وَالْعِمَامَةِ. مَنْ جَرَّ مِنْهَا شَيْئًا خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَإِنْ كَانَ فِي إسْنَادِهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ وَفِيهِ مَقَالٌ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: وَإِسْبَالُ الْعِمَامَةِ الْمُرَادُ بِهِ إسْبَالُ الْعَذْبَةِ زَائِدَةً عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ. وَأَخْرَجَ النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْخَى طَرَفَ عِمَامَتِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ» وَكَذَلِكَ تَطْوِيلُ أَكْمَامِ الْقَمِيصِ زِيَادَةً عَلَى الْمُعْتَادِ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ أَهْلِ الْحِجَازِ إسْبَالٌ مُحَرَّمٌ. وَقَدْ نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ الْعُلَمَاءِ كَرَاهَةَ كُلِّ مَا زَادَ عَلَى الْعَادَةِ وَعَلَى الْمُعْتَادِ فِي اللِّبَاسِ مِنْ الطُّولِ وَالسَّعَةِ (قُلْت) وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِالْمُعْتَادِ مَا كَانَ فِي عَصْرِ النُّبُوَّةِ.
(وَعَنْهُ) أَيْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute