٣٩ - وَعَنْهُ، أَنَّهُ «رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْخُذُ لِأُذُنَيْهِ مَاءً غَيْرَ الْمَاءِ الَّذِي أَخَذَهُ لِرَأْسِهِ». أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ: «وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ بِمَاءٍ غَيْرِ فَضْلِ يَدَيْهِ»، وَهُوَ الْمَحْفُوظُ.
وَعَنْ " عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَى بِثُلُثَيْ مُدٍّ» بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، فِي الْقَامُوسِ: مِكْيَالٌ، وَهُوَ رِطْلَانِ، أَوْ رِطْلٌ وَثُلُثٌ، أَوْ مِلْءُ كَفِّ الْإِنْسَانِ الْمُعْتَدِلِ، إذَا مَلَأَهُمَا وَمَدَّ يَدَهُ بِهِمَا، وَمِنْهُ سُمِّيَ مُدًّا، وَقَدْ جَرَّبْت ذَلِكَ فَوَجَدْتُهُ صَحِيحًا (اهـ). [فَجَعَلَ يَدْلُكُ ذِرَاعَيْهِ] أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد بِهِ حَدِيثَ " أُمِّ عُمَارَةَ " الْأَنْصَارِيَّةِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ بِإِنَاءٍ فِيهِ قَدْرُ ثُلُثَيْ مُدٍّ» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ " عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ ".
فَثُلُثَا الْمُدِّ، وَهُوَ أَقَلُّ مَا رُوِيَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَمَّا حَدِيثُ: «أَنَّهُ تَوَضَّأَ بِثُلُثِ مُدٍّ» فَلَا أَصْلَ لَهُ. وَقَدْ صَحَّحَ أَبُو زُرْعَةَ مِنْ حَدِيثِ " عَائِشَةَ " " وَجَابِرٍ ": «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ وَيَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ» وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ سَفِينَةَ، وَأَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: «تَوَضَّأَ مِنْ إنَاءٍ يَسَعُ رِطْلَيْنِ» وَالتِّرْمِذِيُّ بِلَفْظِ: «يُجْزِئُ فِي الْوُضُوءِ رِطْلَانِ».
وَهِيَ كُلُّهَا قَاضِيَةٌ بِالتَّخْفِيفِ فِي مَاءِ الْوُضُوءِ، وَقَدْ عُلِمَ نَهْيُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْإِسْرَافِ فِي الْمَاءِ وَإِخْبَارُهُ أَنَّهُ سَيَأْتِي قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الْوُضُوءِ فَمَنْ جَاوَزَ مَا قَالَ الشَّارِعُ أَنَّهُ يُجْزِئُ فَقَدْ أَسْرَفَ فَيُحَرَّمُ، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ هَذَا تَقْرِيبٌ لَا تَحْدِيدٌ مَا هُوَ بِبَعِيدٍ، لَكِنَّ الْأَحْسَنَ بِالْمُتَشَرِّعِ مُحَاكَاةُ أَخْلَاقِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالِاقْتِدَاءُ بِهِ فِي كَمِّيَّةِ ذَلِكَ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الدَّلْكِ لِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَفِيهِ خِلَافٌ، فَمَنْ قَالَ بِوُجُوبِهِ اسْتَدَلَّ بِهَذَا وَمَنْ قَالَ: لَا يَجِبُ، قَالَ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي الْآيَةِ الْغَسْلُ، وَلَيْسَ الدَّلْكُ مِنْ مُسَمَّاهُ، وَلَعَلَّهُ يَأْتِي ذِكْرُ ذَلِكَ.
[وَعَنْهُ]: أَيْ عَنْ " عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ " أَنَّهُ «رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْخُذُ لِأُذُنَيْهِ مَاءً غَيْرَ الْمَاءِ الَّذِي أَخَذَهُ لِرَأْسِهِ» أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَهُوَ أَيْ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute