١٢٦١ - [وَعَنْ " أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
بَدْرًا، نَزَلَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَعِدَادُهُ فِي أَهْلِ الشَّامّ، مَاتَ بِهِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ؛ قَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ: كَانَ شَدَّادٌ مِمَّنْ أُوتِيَ الْعِلْمَ وَالْحِلْمَ (قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ» بِكَسْرِ الْقَافِ مَصْدَرٌ نَوْعِيٌّ «وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ» بِزِنَةِ الْقِتْلَةِ «وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ) قَوْلُهُ كَتَبَ الْإِحْسَانَ أَيْ أَوْجَبَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} وَهُوَ فِعْلُ الْحَسَنِ ضِدِّ الْقَبِيحِ فَيَتَنَاوَلُ الْحَسَنَ شَرْعًا وَالْحَسَنَ عُرْفًا وَذُكِرَ مِنْهُ مَا هُوَ أَبْعَدُ شَيْءٍ عَنْ اعْتِبَارِ الْإِحْسَانِ وَهُوَ الْإِحْسَانُ فِي الْقَتْلِ لِأَيِّ حَيَوَانٍ مِنْ آدَمِيٍّ وَغَيْرِهِ فِي حَدٍّ وَغَيْرِهِ. وَدَلَّ عَلَى نَفْيِ الْمُثْلَةِ مُكَافَأَةً إلَّا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مُخَصَّصٌ بِقَوْلِهِ {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ وَأَبَانَ بَعْضَ كَيْفِيَّةِ إحْسَانِهَا بِقَوْلِهِ (وَلْيُحِدَّ) بِضَمِّ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ مِنْ أَحَدَّ السِّكِّينَ أَحْسَنَ حَدَّهَا، وَالشَّفْرَةُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ السِّكِّينُ الْعَظِيمَةُ وَمَا عَظُمَ مِنْ الْحَدِيدِ وَحُدِّدَ وَقَوْلُهُ (وَلْيُرِحْ) بِضَمِّ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ أَيْضًا مِنْ الْإِرَاحَةِ وَيَكُونُ بِإِحْدَادِ السِّكِّينِ وَتَعْجِيلِ إمْرَارِهَا وَحُسْنِ الصَّنِيعَةِ.
(وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ) الْحَدِيثُ لَهُ طُرُقٌ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَأَبِي دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ إلَّا أَنَّهُ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: أَنَّهُ لَا يُحْتَجُّ بِأَسَانِيدِهِ كُلِّهَا وَقَالَ الْجُوَيْنِيُّ: إنَّهُ صَحِيحٌ لَا يَتَطَرَّقُ احْتِمَالٌ إلَى مَتْنِهِ وَلَا ضَعْفٌ إلَى سَنَدِهِ، وَتَابَعَهُ الْغَزَالِيُّ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ بِمَجْمُوعِ طُرُقِهِ يُعْمَلُ بِهِ، وَقَدْ صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ. وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَأَبِي أُمَامَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَفِيهِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مِمَّا يُؤَيِّدُ الْعَمَلُ بِهِ؛ وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجَنِينَ إذَا خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ مَيِّتًا بَعْدَ ذَكَاتِهَا فَهُوَ حَلَالٌ مُذَكًّى بِذَكَاةِ أُمِّهِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ حَتَّى قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَمْ يَرِدْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْجَنِينَ لَا يُؤْكَلُ إلَّا بِاسْتِئْنَافِ الذَّكَاةِ فِيهِ إلَّا مَا يُرْوَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute