١١٣٣ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ، وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا ثُمَّ إنْ زَنَتْ الثَّالِثَةَ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعْرٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ
بِأَنَّهُ قَالَهُ عُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ فَيَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْإِجْمَاعِ.
قُلْت: لَا يَخْفَى أَنَّ الدَّلِيلَ هُوَ الْإِجْمَاعُ لَا مَا يَنْزِلُ مَنْزِلَتَهُ.
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا» بِمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ فَمُثَلَّثَةٍ فَرَاءٍ فَمُوَحَّدَةٍ التَّعْنِيفُ لَفْظًا وَمَعْنًى «ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا ثُمَّ إنْ زَنَتْ الثَّالِثَةَ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعْرٍ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ) فِيهِ مَسَائِلُ
" الْأُولَى ": قَوْلُهُ: (فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا) أَنَّهُ إذَا عَلِمَ السَّيِّدُ بِزِنَى أَمَتِهِ جَلَدَهَا وَإِنْ لَمْ تَقُمْ شَهَادَةٌ وَذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ إذَا تَبَيَّنَ زِنَاهَا بِمَا يَتَبَيَّنُ بِهِ فِي حَقِّ الْحُرَّةِ وَهُوَ الشَّهَادَةُ أَوْ الْإِقْرَارُ، وَالشَّهَادَةُ تُقَامُ عِنْدَ الْحَاكِمِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ؛ وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: تُقَامُ عِنْدَ السَّيِّدِ. وَفِي قَوْلِهِ: (فَلْيَجْلِدْهَا) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ وِلَايَةَ جَلْدِ الْأَمَةِ إلَى سَيِّدِهَا وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَعِنْدَ الْهَادَوِيَّةِ أَنَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الزَّمَانِ إمَامٌ وَإِلَّا فَالْحُدُودُ إلَيْهِ، وَالْأَوَّلُ أَقْوَى، وَالْمُرَادُ بِالْجَلْدِ الْحَدُّ الْمَعْرُوفُ فِي قَوْله تَعَالَى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}.
" الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ ": قَوْلُهُ: (وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا) وَرَدَ فِي لَفْظِ النَّسَائِيّ وَلَا يُعَنِّفْهَا وَهُوَ بِمَعْنَى مَا هُنَا، وَهُوَ نَهْيٌ عَنْ الْجَمْعِ لَهَا بَيْنَ الْعُقُوبَةِ بِالتَّعْنِيفِ وَالْجَلْدِ، وَمَنْ قَالَ: الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَقْنَعُ بِالتَّعْنِيفِ دُونَ الْجَلْدِ فَقَدْ أَبْعَدَ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ لَا يُعَزَّرُ بِالتَّعْنِيفِ وَاللَّوْمِ وَإِنَّمَا يَلِيقُ ذَلِكَ بِمَنْ صَدَرَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ إلَى الْإِمَامِ لِلتَّحْذِيرِ وَالتَّخْوِيفِ، فَإِذَا رُفِعَ وَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ كَفَاهُ وَيُؤَيِّدُ هَذَا «نَهْيُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ سَبِّهِ الَّذِي أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّ الْخَمْرِ وَقَالَ: وَلَا تَكُونُوا عَوْنًا لِلشَّيْطَانِ عَلَى أَخِيكُمْ» وَفِي قَوْلِهِ: (ثُمَّ إنْ زَنَتْ إلَى آخِرِهِ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الزَّانِيَ إذَا تَكَرَّرَ مِنْهُ الزِّنَى بَعْدَ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ تَكَرَّرَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، وَأَمَّا إذَا زَنَى مِرَارًا مِنْ دُونِ تَخَلُّلِ إقَامَةِ الْحَدِّ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إلَّا حَدٌّ وَاحِدٌ؛ وَيُؤْخَذُ مِنْ ظَاهِرِ قَوْلِهِ (فَلْيَبِعْهَا) أَنَّهُ كَانَ عَلَيْهَا الْحَدُّ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْفَتْحِ: الْأَرْجَحُ أَنَّهُ يَجْلِدُهَا قَبْلَ الْبَيْعِ ثُمَّ يَبِيعُهَا، وَالسُّكُوتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute