٢٠٠ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَلَهُ عِلَّةٌ
الْفَرِيضَةَ تَصِحُّ عَلَى الرَّاحِلَةِ، إذَا كَانَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فِي هَوْدَجٍ، وَلَوْ كَانَتْ سَائِرَةً كَالسَّفِينَةِ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَصِحُّ فِيهَا إجْمَاعًا.
قُلْت: وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ قَدْ يَتَعَذَّرُ فِي الْبَحْرِ وُجْدَانُ الْأَرْضِ فَعُفِيَ عَنْهُ، بِخِلَافِ رَاكِبِ الْهَوْدَجِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الرَّاحِلَةُ وَاقِفَةً فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ تَصِحُّ الصَّلَاةُ لِلْفَرِيضَةِ، كَمَا تَصِحُّ عِنْدَهُمْ فِي الْأُرْجُوحَةِ الْمَشْدُودَةِ بِالْحِبَالِ، وَعَلَى السَّرِيرِ الْمَحْمُولِ عَلَى الرِّجَالِ إذَا كَانُوا وَاقِفِينَ، وَالْمُرَادُ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ الَّتِي كُتِبَتْ عَلَى جَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ، فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَالْوِتْرُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ " أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَلَهُ عِلَّةٌ، وَهِيَ الِاخْتِلَافُ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ، فَرَوَاهُ حَمَّادٌ مَوْصُولًا عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ مُرْسَلًا عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، وَرِوَايَةُ الثَّوْرِيِّ أَصَحُّ وَأَثْبَتُ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: الْمَحْفُوظُ الْمُرْسَلُ، وَرَجَّحَهُ الْبَيْهَقِيُّ.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ كُلَّهَا تَصِحُّ فِيهَا الصَّلَاةُ مَا عَدَا الْمَقْبَرَةَ، وَهِيَ الَّتِي تُدْفَنُ فِيهَا الْمَوْتَى، فَلَا تَصِحُّ فِيهَا الصَّلَاةُ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْقَبْرِ أَوْ بَيْنَ الْقُبُورِ، وَسَوَاءٌ كَانَ قَبْرُ مُؤْمِنٍ أَوْ كَافِرٍ، فَالْمُؤْمِنُ تَكْرِمَةً لَهُ، وَالْكَافِرُ بُعْدًا مِنْ خُبْثِهِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ يُخَصِّصُ «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا» الْحَدِيثُ.
وَكَذَلِكَ الْحَمَّامُ فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ فِيهِ الصَّلَاةُ، فَقِيلَ: لِلنَّجَاسَةِ، فَيَخْتَصُّ بِمَا فِيهِ النَّجَاسَةُ مِنْهُ، وَقِيلَ: تُكْرَهُ لَا غَيْرُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَا تَصِحُّ فِيهِ الصَّلَاةُ وَلَوْ عَلَى سَطْحِهِ، عَمَلًا بِالْحَدِيثِ، وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى صِحَّتِهَا، وَلَكِنْ مَعَ كَرَاهَتِهِ وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ مُعَلَّلًا بِأَنَّهُ مَحَلُّ الشَّيَاطِينِ؛ وَالْقَوْلُ الْأَظْهَرُ مَعَ أَحْمَدَ. ثُمَّ لَيْسَ التَّخْصِيصُ لِعُمُومِ حَدِيثِ «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا» بِهَذَيْنِ الْمَحَلَّيْنِ فَقَطْ، بَلْ بِمَا يُفِيدُهُ الْحَدِيثُ الْآتِي وَهُوَ قَوْلُهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute