بَابُ قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ
١١١٦ - عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَعَدَمُ صِحَّةِ الِاسْتِنْبَاطِ جَائِزٌ عَلَى الصَّحَابِيِّ وَغَيْرِهِ اتِّفَاقًا، وَإِنَّمَا رِوَايَتُهُ لِلْحَدِيثِ بِلَفْظِهِ، أَوْ بِمَعْنَاهُ هِيَ الَّتِي يَتَعَيَّنُ قَبُولُهَا. .
وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي الزِّنَادِ " قَتَلْنَا بِالْقَسَامَةِ وَالصَّحَابَةُ مُتَوَافِرُونَ إنِّي لَأَرَى أَنَّهُمْ أَلْفُ رَجُلٍ فَمَا اخْتَلَفَ مِنْهُمْ اثْنَانِ "، فَإِنَّهُ قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي إنَّمَا نَقَلَهُ أَبُو الزِّنَادِ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ كَمَا أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ وَإِلَّا فَأَبُو الزِّنَادِ لَا يَثْبُتُ أَنَّهُ رَأَى عَشَرَةً مِنْ الصَّحَابَةِ فَضْلًا عَنْ أَلْفٍ انْتَهَى.
قُلْت: لَا يَخْفَى أَنَّهُ تَقْرِيرٌ لِمَا رَوَاهُ أَبُو الزِّنَادِ لِثُبُوتِ مَا رَوَاهُ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ الْفَقِيهِ الثِّقَةِ، وَإِنَّمَا دَلَّسَ أَبُو الزِّنَادِ بِقَوْلِهِ قَتَلْنَا وَكَأَنَّهُ يُرِيدُ قَتَلَ مَعْشَرُ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهُمْ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ غَايَتَهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ عَنْ خَارِجَةَ فِعْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَيْسَ بِإِجْمَاعٍ حَتَّى يَكُونَ حُجَّةً، وَلَا شَكَّ فِي ثُبُوتِ فِعْلِ عُمَرَ بِالْقَسَامَةِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ عَنْهُ فِي الْقَتْلِ بِهَا إنَّمَا نِزَاعُنَا فِي ثُبُوتِ حُكْمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَا، فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ.
(بَابُ قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ) الْبَغْيُ مَصْدَرُ بَغَى عَلَيْهِ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ بَغْيًا بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ عَلَا وَظَلَمَ وَعَدَلَ عَنْ الْحَقِّ، وَلَهُ مَعَانٍ كَثِيرَةٌ وَذَكَرَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَعْنَاهُ الِاصْطِلَاحِيَّ هُنَا وَسَاقَهُ عَلَى اصْطِلَاحِ الْهَادَوِيَّةِ، وَقَدْ أَبَنَّا مَا فِيهِ فِي حَوَاشِي ضَوْءِ النَّهَارِ وَلَمْ نَذْكُرْ هُنَا لِعَدَمِ انْطِبَاقِ الْأَحَادِيثِ عَلَيْهِ.
(عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
أَيْ مَنْ حَمَلَهُ لِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ حَقٍّ كُنِيَ بِحَمْلِهِ عَنْ الْمُقَاتَلَةِ إذْ الْقَتْلُ لَازِمٌ لِحَمْلِ السَّيْفِ فِي الْأَغْلَبِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا كِنَايَةَ فِيهِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ حَمْلُهُ حَقِيقَةً لِإِرَادَةِ الْقِتَالِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ عَلَيْنَا. وَقَوْلُهُ (فَلَيْسَ مِنَّا) تَقَدَّمَ بَيَانُهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَيْسَ عَلَى طَرِيقَتِنَا وَهَدْيِنَا، فَإِنَّ طَرِيقَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَصْرُ الْمُسْلِمِ وَالْقِتَالُ دُونَهُ لَا تَرْوِيعُهُ وَإِخَافَتُهُ وَقِتَالُهُ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُسْتَحِلِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute