٥٨٧ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «كُنَّا نُعْطِيهَا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي رِوَايَةٍ: أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْت أُخْرِجُهُ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَلِأَبِي دَاوُد: لَا أُخْرِجُ أَبَدًا إلَّا صَاعًا.
(وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: كُنَّا نُعْطِيهَا) أَيْ صَدَقَةَ الْفِطْرِ (فِي زَمَانِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَةٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَهُوَ لَبَنٌ مُجَفَّفٌ يَابِسٌ مُسْتَحْجَرٌ يُطْبَخُ بِهِ، كَمَا فِي النِّهَايَةِ.
وَلَا خِلَافَ فِيمَا ذُكِرَ أَنَّهُ يَجِبُ فِيهِ صَاعٌ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْحِنْطَةِ فَإِنَّهُ أَخْرَجَ ابْنُ خُزَيْمَةَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُعَاوِيَةُ عَدَلَ النَّاسُ نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ بِصَاعِ شَعِيرٍ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ نَصٌّ فِي الْحِنْطَةِ أَنَّهُ يُخْرَجُ فِيهَا صَاعٌ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ أَبَا سَعِيدٍ أَرَادَ بِالطَّعَامِ الْحِنْطَةَ فِي حَدِيثِهِ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا حَقَّقَهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَتْحِ الْبَارِي.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا نَعْلَمُ فِي الْقَمْحِ خَبَرًا ثَابِتًا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَكُنْ الْبُرُّ فِي الْمَدِينَةِ ذَلِكَ الْوَقْتِ إلَّا الشَّيْءُ الْيَسِيرُ مِنْهُ فَلَمَّا كَثُرَ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ رَأَوْا أَنَّ نِصْفَ صَاعٍ مِنْهُ يَقُومُ مَقَامَ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ وَهُمْ الْأَئِمَّةُ فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُعْدَلَ عَنْ قَوْلِهِمْ إلَّا إلَى قَوْلِ مِثْلِهِمْ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ قَدْ خَالَفَ أَبُو سَعِيدٍ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ قَالَ الرَّاوِي (قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ) أَيْ الصَّاعَ (كَمَا كُنْت أُخْرِجُهُ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِأَبِي دَاوُد) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ (لَا أُخْرِجُ أَبَدًا إلَّا صَاعًا) أَيْ مِنْ أَيِّ قُوتٍ أَخْرَجَ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ " قَالَ أَبُو سَعِيدٍ وَقَدْ ذُكِرَ عِنْدَ صَدَقَةِ رَمَضَانَ فَقَالَ: لَا أُخْرِجُ إلَّا مَا كُنْت أُخْرِجُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: أَوْ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ؟ قَالَ: لَا، تِلْكَ فِعْلُ مُعَاوِيَةَ لَا أَقْبَلُهَا وَلَا أَعْمَلُ بِهَا ".
لَكِنَّهُ قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: ذِكْرُ الْحِنْطَةِ فِي خَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ غَيْرُ مَحْفُوظٍ وَلَا أَدْرِي مِمَّنْ الْوَهْمُ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ تَمَسَّكَ بِقَوْلِ مُعَاوِيَةَ مَنْ قَالَ بِالْمُدَّيْنِ مِنْ الْحِنْطَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ صَحَابِيٍّ وَقَدْ خَالَفَهُ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute