٤٢ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا تَوَضَّأْتُمْ فَابْدَءُوا بِمَيَامِنِكُمْ» أَخْرَجَهُ الْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ
يَعْنِي: قَوْلَهُ كُلَّهُ، بِدُخُولِ الْخَلَاءِ، وَالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ؛ وَنَحْوِهِمَا، فَإِنَّهُ يَبْدَأُ فِيهِمَا بِالْيَسَارِ.
قِيلَ: وَالتَّأَكُّدُ بِكُلِّهِ يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ التَّعْمِيمِ، وَدَفْعِ التَّجَوُّزِ عَنْ الْبَعْضِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ حَقِيقَةُ الشَّأْنِ مَا كَانَ فِعْلًا مَقْصُودًا، وَمَا يُسْتَحَبُّ فِيهِ التَّيَاسُرُ لَيْسَ مِنْ الْأَفْعَالِ الْمَقْصُودَةِ، بَلْ هِيَ إمَّا تُرُوكٌ، وَإِمَّا غَيْرُ مَقْصُودَةٍ. وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْبُدَاءَةِ بِشِقِّ الرَّأْسِ الْأَيْمَنِ فِي التَّرَجُّلِ، وَالْغَسْلِ، وَالْحَلْقِ، وَبِالْمَيَامِنِ فِي الْوُضُوءِ، وَالْغَسْلِ، وَالْأَكْلِ، وَالشُّرْبِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: قَاعِدَةُ الشَّرْعِ الْمُسْتَمِرَّةِ الْبُدَاءَةُ بِالْيَمِينِ فِي كُلِّ مَا كَانَ مِنْ بَابِ التَّكْرِيمِ وَالتَّزْيِينِ وَمَا كَانَ بِضِدِّهَا اُسْتُحِبَّ فِيهِ التَّيَاسُرُ، وَيَأْتِي الْحَدِيثُ فِي الْوُضُوءِ قَرِيبًا، وَهَذِهِ الدَّلَالَةُ لِلْحَدِيثِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ لَفْظَ [يُعْجِبُهُ] يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ شَرْعًا، وَقَدْ ذَكَرْنَا تَحْقِيقَهُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ، عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ.
وَعَنْ " أَبِي هُرَيْرَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا تَوَضَّأْتُمْ فَابْدَءُوا بِمَيَامِنِكُمْ» أَخْرَجَهُ الْأَرْبَعَةُ؛ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَزَادَ فِيهِ: [وَإِذَا لَبِسْتُمْ]. قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: هُوَ حَقِيقٌ بِأَنْ يُصَحَّحَ.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى الْبُدَاءَةِ بِالْمَيَامِنِ عِنْدَ الْوُضُوءِ فِي غَسْلِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، وَأَمَّا غَيْرُهُمَا كَالْوَجْهِ وَالرَّأْسِ فَظَاهِرٌ أَيْضًا شُمُولُهَا، إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِهِ فِيهِمَا، وَلَا وَرَدَ فِي أَحَادِيثِ التَّعْلِيمِ، بِخِلَافِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، فَأَحَادِيثُ التَّعْلِيمِ وَرَدَتْ بِتَقْدِيمِ الْيُمْنَى فِيهِمَا عَلَى الْيُسْرَى، فِي حَدِيثِ " عُثْمَانَ " الَّذِي مَضَى وَغَيْرِهِ، وَالْآيَةُ مُجْمِلَةٌ بَيَّنَتْهَا السُّنَّةُ، وَاخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ ذَلِكَ، وَلَا كَلَامَ فِي أَنَّهُ الْأَوْلَى، فَعِنْدَ الْهَادَوِيَّةِ: يَجِبُ لِحَدِيثِ الْكِتَابِ، وَهُوَ بِلَفْظِ الْأَمْرِ، وَهُوَ لِلْوُجُوبِ فِي أَصْلِهِ، بِاسْتِمْرَارِ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ، فَإِنَّهُ مَا رُوِيَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ مَرَّةً وَاحِدَةً بِخِلَافِهِ إلَّا مَا يَأْتِي مِنْ حَدِيثِ " ابْنِ عَبَّاسٍ "، وَلِأَنَّهُ فَعَلَهُ بَيَانًا لِلْوَاجِبِ فَيَجِبُ، وَلِحَدِيثِ، ابْنِ عُمَرَ "، " وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، " وَأَبِي هُرَيْرَةَ ": أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَوَضَّأَ عَلَى الْوَلَاءِ ثُمَّ قَالَ: هَذَا وُضُوءٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّلَاةَ إلَّا بِهِ» وَلَهُ طُرُقٌ يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute