٣٨٣ - وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «رُصُّوا صُفُوفَكُمْ، وَقَارِبُوا بَيْنَهَا، وَحَاذُوا بِالْأَعْنَاقِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ
وَهُوَ مُتَّهَمٌ بِسَرِقَةِ الْحَدِيثِ وَتَخْلِيطِ الْأَسَانِيدِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَؤُمُّ الرَّجُلَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْهَادَوِيَّةِ، وَالْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ.
وَأَجَازَ الْمُزَنِيّ وَأَبُو ثَوْرٍ إمَامَةَ الْمَرْأَةِ، وَأَجَازَ الطَّبَرِيُّ إمَامَتَهَا فِي التَّرَاوِيحِ إذَا لَمْ يَحْضُرْ مَنْ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ، وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ أُمِّ وَرَقَةَ وَسَيَأْتِي وَيَحْمِلُونَ هَذَا النَّهْيَ عَلَى التَّنْزِيهِ أَوْ يَقُولُونَ الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ.
وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لَا يَؤُمُّ الْأَعْرَابِيُّ مُهَاجِرًا وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ إذْ كَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ.
وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لَا يَؤُمُّ الْفَاجِرُ وَهُوَ الْمُنْبَعِثُ فِي الْمَعَاصِي مُؤْمِنًا، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ فَاشْتَرَطُوا عَدَالَةَ مَنْ يُصَلَّى خَلْفَهُ وَقَالُوا لَا تَصِحُّ إمَامَةُ الْفَاسِقِ.
وَذَهَبَتْ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَفِيَّةُ إلَى صِحَّةِ إمَامَتِهِ مُسْتَدِلِّينَ بِمَا يَأْتِي مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ وَهِيَ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ دَالَّةٌ عَلَى صِحَّةِ الصَّلَاةِ خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ، وَفَاجِرٍ إلَّا أَنَّهَا كُلَّهَا ضَعِيفَةٌ، وَقَدْ عَارَضَهَا حَدِيثُ «لَا يَؤُمَّنَّكُمْ ذُو جُرْأَةٍ فِي دِينِهِ» وَنَحْوُهُ وَهِيَ أَيْضًا ضَعِيفَةٌ قَالُوا فَلَمَّا ضُعِّفَتْ الْأَحَادِيثُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ رَجَعْنَا إلَى الْأَصْلِ، وَهِيَ أَنَّ مَنْ صَحَّتْ صَلَاتُهُ صَحَّتْ إمَامَتُهُ، وَأَيَّدَ ذَلِكَ فِعْلُ الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَنَّهُ قَالَ " أَدْرَكْت عَشَرَةً مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلُّونَ خَلْفَ أَئِمَّةِ الْجَوْرِ " وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا حَدِيثُ مُسْلِمٍ «كَيْفَ أَنْتَ إذَا كَانَ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا أَوْ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا قَالَ فَمَا تَأْمُرُنِي قَالَ صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَإِنْ أَدْرَكْتهَا مَعَهُمْ فَصَلِّ فَإِنَّهَا لَك نَافِلَةٌ» فَقَدْ أَذِنَ بِالصَّلَاةِ خَلْفَهُمْ وَجَعَلَهَا نَافِلَةً؛ لِأَنَّهُمْ أَخْرَجُوهَا عَنْ وَقْتِهَا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ لَوْ صَلُّوهَا فِي وَقْتِهَا لَكَانَ مَأْمُورًا بِصَلَاتِهَا خَلْفَهُمْ فَرِيضَةً.
(وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ " رُصُّوا) أَيْ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ بِضَمِّ الرَّاءِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ رَصَّ الْبِنَاءَ (صُفُوفَكُمْ) بِانْضِمَامِ بَعْضِكُمْ إلَى بَعْضٍ (وَقَارِبُوا بَيْنَهَا) أَيْ بَيْنَ الصُّفُوفِ (وَحَاذُوا) أَيْ يُسَاوِي بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي الصَّفِّ (بِالْأَعْنَاقِ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ) تَمَامُ الْحَدِيثِ مِنْ سُنَنِ أَبِي دَاوُد «فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنِّي لَأَرَى الشَّيَاطِينَ تَدْخُلُ فِي خَلَلِ الصَّفِّ كَأَنَّهَا الْحَذَفُ» بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ هِيَ صِغَارُ الْغَنَمِ، وَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ، وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute