للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤١٣ - وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ نَنْصَرِفُ وَلَيْسَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ يُسْتَظَلُّ بِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ. وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: كُنَّا نَجْمَعُ مَعَهُ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ، ثُمَّ نَرْجِعُ، نَتَتَبَّعُ الْفَيْءَ

أَيْ مِنْبَرِهِ الَّذِي مِنْ عُودٍ لَا عَلَى الَّذِي كَانَ مِنْ الطِّينِ، وَلَا عَلَى الْجِذْعِ الَّذِي كَانَ يَسْتَنِدُ إلَيْهِ، وَهَذَا الْمِنْبَرُ عُمِلَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَنَةَ سَبْعٍ، وَقِيلَ سَنَةَ ثَمَانٍ عَمِلَهُ لَهُ غُلَامُ امْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ كَانَ نَجَّارًا وَاسْمُهُ عَلَى أَصَحِّ الْأَقْوَالِ مَيْمُونٌ كَانَ عَلَى ثَلَاثِ دَرَجٍ وَلَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ حَتَّى زَادَهُ مَرْوَانُ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ سِتَّ دَرَجٍ مِنْ أَسْفَلِهِ وَلَهُ قِصَّةٌ فِي زِيَادَتِهِ وَهِيَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إلَيْهِ أَنْ يَحْمِلَهُ إلَى دِمَشْقَ فَأَمَرَ بِهِ فَقُلِعَ فَأَظْلَمَتْ الْمَدِينَةُ فَخَرَجَ مَرْوَانُ فَخَطَبَ فَقَالَ إنَّمَا أَمَرَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ أَرْفَعَهُ، وَقَالَ إنَّمَا زِدْت عَلَيْهِ لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ وَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى احْتَرَقَ الْمَسْجِدُ النَّبَوِيُّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ فَاحْتَرَقَ (" لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمْ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ تَرْكِهِمْ (الْجُمُعَاتِ أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ) الْخَتْمُ الِاسْتِيثَاقُ مِنْ الشَّيْءِ بِضَرْبِ الْخَاتَمِ عَلَيْهِ كَتْمًا لَهُ وَتَغْطِيَةً لِئَلَّا يُتَوَصَّلَ إلَيْهِ، وَلَا يُطَّلَعَ عَلَيْهِ شُبِّهَتْ الْقُلُوبُ بِسَبَبِ إعْرَاضِهِمْ عَنْ الْحَقِّ وَاسْتِكْبَارِهِمْ عَنْ قَبُولِهِ وَعَدَمِ نُفُوذِ الْحَقِّ إلَيْهَا بِالْأَشْيَاءِ الَّتِي اُسْتُوْثِقَ عَلَيْهَا بِالْخَتْمِ فَلَا يَنْفُذُ إلَى بَاطِنِهَا شَيْءٌ، وَهَذِهِ عُقُوبَةٌ عَلَى عَدَمِ الِامْتِثَالِ لِأَمْرِ اللَّهِ، وَعَدَمِ إتْيَانِ الْجُمُعَةِ مِنْ بَابِ تَيْسِيرِ الْعُسْرَى (ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنْ الْغَافِلِينَ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ) بَعْدَ خَتَمَهُ - تَعَالَى - عَلَى قُلُوبِهِمْ فَيَغْفُلُونَ عَنْ اكْتِسَابِ مَا يَنْفَعُهُمْ مِنْ الْأَعْمَالِ وَعَنْ تَرْكِ مَا يَضُرُّهُمْ مِنْهَا.

، وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَعْظَمِ الزَّوَاجِرِ عَنْ تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَالتَّسَاهُلِ فِيهَا، وَفِيهِ إخْبَارٌ بِأَنَّ تَرْكَهَا مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الْخِذْلَانِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَالْإِجْمَاعُ قَائِمٌ عَلَى وُجُوبِهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَالْأَكْثَرُ أَنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ وَقَالَ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ إنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ.

(وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ نَنْصَرِفُ وَلَيْسَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ يُسْتَظَلُّ بِهِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ، وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ) أَيْ مِنْ رِوَايَةِ سَلَمَةَ (كُنَّا نَجْمَعُ مَعَهُ) أَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ نَرْجِعُ نَتَتَبَّعُ الْفَيْءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>