١٦٩ - وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «أُمِرَ بِلَالٌ: أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ شَفْعًا، وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ إلَّا الْإِقَامَةَ، يَعْنِي: إلَّا قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُسْلِمٌ الِاسْتِثْنَاءَ.
١٧٠ - وَلِلنَّسَائِيِّ: أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَالًا.
الْفَارِسِيِّ لِصَحِيحِ مُسْلِمٍ ذَكَرَ التَّكْبِيرَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي أَوَّلِهِ، وَبِهِ تَعْرِفُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَبَرَ أَكْثَرَ الرِّوَايَاتِ، وَابْنُ تَيْمِيَّةَ " اعْتَمَدَ بَعْضَ طُرُقِهِ، فَلَا يُتَوَهَّمُ الْمُنَافَاةُ بَيْنَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَابْنِ تَيْمِيَّةَ ".
وَعَنْ " أَنَسٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -[قَالَ: أُمِرَ] بِضَمِّ الْهَمْزَةِ مَبْنِيٌّ لِمَا لَمْ يُسَمَّ، بُنِيَ كَذَلِكَ لِلْعِلْمِ بِالْفَاعِلِ، فَإِنَّهُ لَا يَأْمُرُ فِي الْأُصُولِ الشَّرْعِيَّةِ إلَّا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيَدُلُّ لَهُ الْحَدِيثُ الْآتِي قَرِيبًا [بِلَالٌ] نَائِبُ الْفَاعِلِ [أَنْ يَشْفَعَ] بِفَتْحِ أَوَّلِهِ [الْأَذَانَ] يَأْتِي بِكَلِمَاتِهِ شَفْعًا [أَيْ مَثْنَى مَثْنَى، أَوْ أَرْبَعًا أَرْبَعًا] فَالْكُلُّ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ شَفْعٌ، وَهَذَا إجْمَالٌ بَيَّنَهُ حَدِيثُ " عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ "، وَ " أَبِي مَحْذُورَةَ "، فَشَفْعُ التَّكْبِيرِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ أَرْبَعًا أَرْبَعًا، وَشَفْعُ غَيْرِهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَهَذَا بِالنَّظَرِ إلَى الْأَكْثَرِ، وَإِلَّا فَإِنَّ كَلِمَةَ التَّهْلِيلِ فِي آخِرِهِ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ اتِّفَاقًا.
[وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ] يُفْرِدُ أَلْفَاظَهَا [إلَّا الْإِقَامَةَ] بَيَّنَ الْمُرَادَ بِهَا بِقَوْلِهِ [يَعْنِي: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ] فَإِنَّهُ يُشْرَعُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا مَرَّتَيْنِ، وَلَا يُوتِرَهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؛ وَلَمْ يَذْكُرْ مُسْلِمٌ الِاسْتِثْنَاءَ أَعْنِي قَوْلَهُ: إلَّا الْإِقَامَةَ. فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ: لِلْهَادَوِيَّةِ فَقَالُوا تُشْرَعُ تَثْنِيَةُ أَلْفَاظِ الْإِقَامَةِ كُلِّهَا لِحَدِيثِ: «إنَّ بِلَالًا كَانَ يُثَنِّي الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ» رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَالطَّحَاوِيُّ، إلَّا أَنَّهُ قَدْ ادَّعَى فِيهِ الْحَاكِمُ الِانْقِطَاعَ، وَلَهُ طُرُقٌ فِيهَا ضَعْفٌ؛ وَبِالْجُمْلَةِ لَا تُعَارِضُ رِوَايَةُ التَّرْبِيعِ فِي التَّكْبِيرِ رِوَايَةَ الْإِفْرَادِ فِي الْإِقَامَةِ لِصِحَّتِهَا؛ فَلَا يُقَالُ إنَّ التَّثْنِيَةَ فِي أَلْفَاظِ الْإِقَامَةِ زِيَادَةُ عَدْلٍ، فَيَجِبُ قَبُولُهَا؛ لِأَنَّك قَدْ عَرَفْت أَنَّهَا لَمْ تَصِحَّ. لِمَالِكٍ، فَقَالَ: تُفْرَدُ أَلْفَاظُ الْإِقَامَةِ، حَتَّى قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ. لِلْجُمْهُورِ أَنَّهَا تُفْرَدُ أَلْفَاظُهَا إلَّا: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، فَتُكَرَّرُ، عَمَلًا بِالْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ بِذَلِكَ.
وَلِلنَّسَائِيِّ أَيْ عَنْ " أَنَسٍ " [أَمَرَ] بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَهُوَ [النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَالًا] وَإِنَّمَا أَتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ لِيُفِيدَ أَنَّ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مَرْفُوعٌ، وَإِنْ وَرَدَ بِصِيغَةِ الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: إسْنَادُ تَثْنِيَةِ الْأَذَانِ وَإِفْرَادِ الْإِقَامَةِ أَصَحُّهَا: أَيْ الرِّوَايَاتِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute