. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ) كَانَ الْفَتْحُ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنْ الْهِجْرَةِ (وَهُوَ بِمَكَّةَ: " إنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ ") وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ هَكَذَا بِإِفْرَادِ الضَّمِيرِ وَفِي بَعْضِ الطُّرُقِ إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ وَفِي رِوَايَةٍ فِي غَيْرِهِمَا إنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَا وَتَقَدَّمَ وَجْهُ الْكَلَامِ عَلَى جَمْعِ الضَّمِيرَيْنِ فِي بَابِ الْآنِيَةِ (بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ مَا زَالَتْ عَنْهُ الْحَيَاةُ لَا بِذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ (وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الصَّنَمُ هُوَ الْوَثَنُ، وَقَالَ غَيْرُهُ الْوَثَنُ مَا لَهُ جُثَّةٌ وَالصَّنَمُ مَا كَانَ مُصَوَّرًا (فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَرَأَيْت شُحُومَ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهَا تُطْلَى بِهَا السُّفُنُ وَتُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ قَالَ: لَا هُوَ حَرَامٌ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ ذَلِكَ: " قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ إنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمِيمِ أَيْ أَذَابُوهُ (" ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ مَا ذُكِرَ قِيلَ: وَالْعِلَّةُ فِي تَحْرِيمِ بَيْعِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ هِيَ النَّجَاسَةُ وَلَكِنَّ الْأَدِلَّةَ عَلَى نَجَاسَةِ الْخَمْرِ غَيْرُ نَاهِضَةٍ وَكَذَا نَجَاسَةُ الْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ فَمَنْ جَعَلَ الْعِلَّةَ النَّجَاسَةَ عَدَّى الْحُكْمَ عَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِ كُلِّ نَجَسٍ وَقَالَ جَمَاعَةٌ: يَجُوزُ بَيْعُ الْأَزْبَالِ النَّجِسَةِ وَقِيلَ يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ لِاحْتِيَاجِ الْمُشْتَرِي دُونَهُ وَهِيَ عِلَّةٌ عَلِيلَةٌ، وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ مَنْ جَعَلَ الْعِلَّةَ النَّجَاسَةَ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَنْهَضُ دَلِيلٌ عَلَى التَّعْلِيلِ بِذَلِكَ بَلْ الْعِلَّةُ التَّحْرِيمُ وَلِذَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ، فَجَعَلَ الْعِلَّةَ نَفْسَ التَّحْرِيمِ وَلَمْ يَذْكُرْ عِلَّةً: هَذَا وَلَا يَدْخُلُ فِي الْمَيْتَةِ شَعْرُهَا وَصُوفُهَا وَوَبَرُهَا لِأَنَّهَا لَا تَحِلُّهَا الْحَيَاةُ وَلَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا اسْمُ الْمَيْتَةِ وَقِيلَ إنَّ الشُّعُورَ مُتَنَجِّسَةٌ وَتَطْهُرُ بِالْغَسْلِ، وَجَوَازُ بَيْعِهَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَقِيلَ إلَّا الثَّلَاثَةَ الَّتِي هِيَ نَجِسَةُ الذَّاتِ. وَأَمَّا عِلَّةُ تَحْرِيمِ بَيْعِ الْأَصْنَامِ فَقِيلَ لِأَنَّهَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهَا مُبَاحَةً وَقِيلَ إنْ كَانَتْ بِحَيْثُ إذَا كُسِرَتْ اُنْتُفِعَ بِأَكْسَارِهَا جَازَ بَيْعُهَا وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَهِيَ أَصْنَامٌ لِلنَّهْيِ وَيَجُوزُ بَيْعُ كَسْرِهَا إذْ هِيَ لَيْسَتْ بِأَصْنَامٍ وَلَا وَجْهَ لِمَنْعِ بَيْعِ الْأَكْسَارِ أَصْلًا، وَلَمَّا أَطْلَقَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَحْرِيمَ بَيْعِ الْمَيْتَةِ جَوَّزَ السَّامِعُ أَنَّهُ قَدْ يَخُصُّ مِنْ الْعَامِّ بَعْضَ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ «فَقَالَ السَّائِلُ: أَرَأَيْت شُحُومَ الْمَيْتَةِ وَذَكَرَ لَهَا ثَلَاثَ مَنَافِعَ أَيْ أَخْبِرْنِي عَنْ الشُّحُومِ هَلْ تُخَصُّ مِنْ التَّحْرِيمِ لِنَفْعِهَا أَمْ لَا فَأَجَابَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ حَرَامٌ» فَأَبَانَ لَهُ أَنَّهَا غَيْرُ خَارِجَةٍ عَنْ الْحُكْمِ، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ هُوَ حَرَامٌ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لِلْبَيْعِ أَيْ بَيْعُ الشُّحُومِ حَرَامٌ وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ لِأَنَّ الْكَلَامَ مَسُوقٌ لَهُ وَلِأَنَّهُ قَدْ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ أَحْمَدُ وَفِيهِ: فَمَا تَرَى فِي بَيْعِ شُحُومِ الْمَيْتَةِ - الْحَدِيثَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute