١٣٣٠ - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى طَالِبِ الْحَقِّ». رَوَاهُمَا الدَّارَقُطْنِيُّ، وَفِي إسْنَادِهِمَا ضَعْفٌ.
(وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا فِي نَاقَةٍ فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَتَجَتْ هَذِهِ النَّاقَةُ عِنْدِي وَأَقَامَا أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً فَقَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ» سَيَأْتِي مَنْ أَخْرَجَهُ، وَأَخْرَجَ الَّذِي بَعْدَهُ. وَقَدْ أَخْرَجَ هَذَا الْبَيْهَقِيُّ وَلَمْ يُضَعِّفْ إسْنَادَهُ وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ إلَّا أَنَّ فِيهِ " تَدَاعَيَا دَابَّةً " وَلَمْ يُضَعِّفْ إسْنَادَهُ أَيْضًا. وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْيَدَ مُرَجَّحَةٌ لِلشَّهَادَةِ الْمُوَافِقَةِ لَهَا. وَقَدْ ذَهَبَ إلَى هَذَا الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَغَيْرُهُمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: يُقَالُ لَهُمَا قَدْ اسْتَوَيْتُمَا فِي الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ وَلِلَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ سَبَبٌ بِكَيْنُونَتِهِ فِي يَدِهِ هُوَ أَقْوَى مِنْ سَبَبِك فَهُوَ لَهُ بِفَضْلِ قُوَّةِ سَبَبِهِ، وَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ. وَذَهَبَ الْهَادَوِيَّةُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْآلِ وَابْنُ حَنْبَلٍ إلَى أَنَّهَا تَرْجَحُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ وَهُوَ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ قَالُوا: إذْ شُرِعَتْ لَهُ - وَلِلْمُنْكِرِ الْيَمِينُ - وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي» فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا تُفِيدُ بَيِّنَةُ الْمُنْكِرِ. وَيُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ " مَنْ كَانَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ فَبَيِّنَتُهُ لَا تَعْمَلُ لَهُ شَيْئًا " ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ وَأُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ حَدِيثَ جَابِرٍ خَاصٌّ وَحَدِيثُ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي» عَامٌّ وَالْخَاصُّ مُخَصِّصٌ مُقَدَّمٌ، وَأَثَرُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَصِحَّ، وَعَلَى صِحَّتِهِ فَمُعَارَضٌ بِمَا سَبَقَ.
وَعَنْ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُقَسِّمُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْيَدَ مُقَوِّيَةٌ لِبَيِّنَةِ الدَّاخِلِ فَسَاوَتْ بَيِّنَةَ الْخَارِجِ. وَيُرْوَى عَنْهُ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ. وَلِلْحَنَفِيَّةِ تَفْصِيلٌ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ دَلِيلٌ.
(وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى طَالِبِ الْحَقِّ» رَوَاهُمَا) أَيْ هَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ (الدَّارَقُطْنِيُّ وَفِي إسْنَادِهِمَا ضَعْفٌ) لِأَنَّ مَدَارَهُمَا عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ الْفُرَاتِ، وَمُحَمَّدٍ لَا يُعْرَفُ، وَإِسْحَاقُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْكَشَّافِ: إنَّ إِسْحَاقَ بْنَ الْفُرَاتِ قَاضِي مِصْرَ ثِقَةٌ مَعْرُوفٌ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ الِاعْتِمَادُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى أَحَادِيثِ الْقَسَامَةِ فَإِنَّهُ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَوْلِيَاءِ الدَّمِ أَتَحْلِفُونَ فَأَبَوْا قَالَ فَتَحْلِفُ يَهُودٌ» وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَسَاقَ الرِّوَايَاتِ فِي الْقَسَامَةِ وَفِيهَا رَدُّ الْيَمِينِ، قَالَ فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ هِيَ الْمُعْتَمَدَةُ فِي رَدِّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي إذَا لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قُلْت) وَهَذَا مِنْهُ قِيَاسٌ إلَّا أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْقَسَامَةَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، وَثَبَتَ أَنَّهُ لَا يُقَاسُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute