٩٢ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ يُسْتَنْجَى بِعَظْمٍ، أَوْ رَوْثٍ وَقَالَ: إنَّهُمَا لَا يُطَهِّرَانِ». رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَصَحَّحَهُ.
بِهِ الْمَسْحَةَ الثَّالِثَةَ، إذْ الْمَطْلُوبُ تَثْلِيثُ الْمَسْحِ وَلَوْ بِأَطْرَافِ حَجَرٍ وَاحِدٍ، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ لِأَحَدِ السَّبِيلَيْنِ، وَيُشْتَرَطُ لِلْآخَرِ ثَلَاثَةٌ أَيْضًا فَتَكُونُ سِتَّةً لِحَدِيثٍ وَرَدَ بِذَلِكَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ، عَلَى أَنَّ فِي النَّفْسِ مِنْ إثْبَاتِ سِتَّةِ أَحْجَارٍ شَيْئًا، فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا عَلِمَ أَنَّهُ طَلَبَ سِتَّةَ أَحْجَارٍ مَعَ تَكَرُّرِ ذَلِكَ مِنْهُ، مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ " وَابْنِ مَسْعُودٍ " وَغَيْرِهِمَا؛ وَالْأَحَادِيثُ بِلَفْظِ [مَنْ أَتَى الْغَائِطَ] كَحَدِيثِ عَائِشَةَ: «إذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إلَى الْغَائِطِ فَلْيَسْتَطِبْ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبِي دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَقَالَ: إسْنَادُهُ حَسَنٌ صَحِيحٌ، مَعَ أَنَّ الْغَائِطَ إذَا أُطْلِقَ ظَاهِرًا فِي خَارِجِ الدُّبُرِ، وَخَارِجِ الْقُبُلِ يُلَازِمُهُ.
وَفِي حَدِيثِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ الِاسْتِطَابَةِ فَقَالَ: بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ لَيْسَ فِيهَا رَجِيعٌ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالسُّؤَالُ عَامٌّ لِلْمَخْرَجَيْنِ مَعًا أَوْ أَحَدِهِمَا، وَالْمَحَلُّ مَحَلُّ الْبَيَانِ، وَحَدِيثُ سَلْمَانَ بِلَفْظِ: «أُمِرْنَا أَنْ لَا نَكْتَفِيَ بِدُونِ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» وَهُوَ مُطْلَقٌ فِي الْمَخْرَجَيْنِ.
وَمَنْ اشْتَرَطَ السِّتَّةَ فَلِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَلَا أَدْرِي مَا صِحَّتُهُ فَيُبْحَثُ عَنْهُ.
ثُمَّ تَتَبَّعْت الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي الْأَمْرِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، وَالنَّهْيِ عَنْ أَقَلَّ مِنْهَا، فَإِذَا هِيَ كُلُّهَا فِي خَارِجِ الدُّبُرِ، فَإِنَّهَا بِلَفْظِ النَّهْيِ عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، وَبِلَفْظِ الِاسْتِجْمَارِ: «إذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَجْمِرْ ثَلَاثًا» وَبِلَفْظِ التَّمَسُّحِ: «نَهَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُتَمَسَّحَ بِعَظْمٍ».
إذَا عَرَفْت هَذَا فَالِاسْتِنْجَاءُ لُغَةً: إزَالَةُ النَّجْوِ وَهُوَ الْغَائِطُ، وَالْغَائِطُ: كِنَايَةٌ عَنْ الْعَذِرَةِ، وَالْعَذِرَةُ خَارِجُ الدُّبُرِ، كَمَا يُفِيدُ ذَلِكَ كَلَامُ أَهْلِ اللُّغَةِ، فَفِي الْقَامُوسِ النَّجْوُ: مَا يَخْرُجُ مِنْ الْبَطْنِ مِنْ رِيحٍ أَوْ غَائِطٍ، وَاسْتَنْجَى: اغْتَسَلَ بِالْمَاءِ، أَوْ تَمَسَّحَ بِالْحَجَرِ، وَفِيهِ اسْتَطَابَ: اسْتَنْجَى، وَاسْتَجْمَرَ: اسْتَنْجَى؛ وَفِيهِ التَّمَسُّحُ: إمْرَارُ الْيَدِ لِإِزَالَةِ الشَّيْءِ السَّائِلِ أَوْ الْمُتَلَطِّخِ. اهـ.
فَعَرَفْت مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأَحْجَارَ لَمْ يَرِدْ الْأَمْرُ بِهَا، وَالنَّهْيُ عَنْ أَقَلَّ مِنْهَا إلَّا فِي إزَالَةِ خُرُوجِ الدُّبُرِ لَا غَيْرُ، وَلَمْ يَأْتِ بِهَا دَلِيلٌ فِي خَارِجِ الْقُبُلِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّقْدِيرِ بِعَدَدٍ، بَلْ الْمَطْلُوبُ الْإِزَالَةُ لِأَثَرِ الْبَوْلِ مِنْ الذَّكَرِ، فَيَكْفِي فِيهِ وَاحِدَةٌ مَعَ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ بَيَانُ اسْتِعْمَالِ الثَّلَاثِ فِي الدُّبُرِ: بِأَنَّ وَاحِدَةً لِلْمَسْرُبَةِ، وَاثْنَتَيْنِ لِلصَّحْفَتَيْنِ، مَا ذَاكَ إلَّا لِاخْتِصَاصِهِ بِهَا.
وَعَنْ " أَبِي هُرَيْرَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ يُسْتَنْجَى بِعَظْمٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute