١١٥٤ - وَعَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلِصٍّ قَدْ اعْتَرَفَ اعْتِرَافًا. وَلَمْ يُوجَدْ مَعَهُ مَتَاعٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا إخَالُكَ سَرَقْت قَالَ: بَلَى فَأَعَادَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَ وَجِيءَ بِهِ فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ اللَّهَ وَتُبْ إلَيْهِ فَقَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إلَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ - ثَلَاثًا» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَاللَّفْظُ لَهُ. وَأَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقَطْعُ فِي سَرِقَةِ الثَّمَرِ وَالْكَثَرِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى ظَهْرِ الْمُنْبِتِ لَهُ أَوْ قَدْ جُذَّ. وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ قَالَ فِي نِهَايَةِ الْمُجْتَهِدِ.
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا قَطْعَ فِي طَعَامٍ وَلَا فِيمَا أَصْلُهُ مُبَاحٌ كَالصَّيْدِ وَالْحَطَبِ وَالْحَشِيشِ وَعُمْدَتُهُ فِي مَنْعِهِ الْقَطْعَ فِي الطَّعَامِ الرَّطْبِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ» وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ يُقْطَعُ فِي كُلِّ مُحَرَّزٍ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى أَصْلِهِ بَاقِيًا وَقَدْ جُذَّ سَوَاءٌ كَانَ أَصْلُهُ مُبَاحًا كَالْحَشِيشِ وَنَحْوِهِ أَوْ لَا، وَقَالُوا: لِعُمُومِ الْآيَةِ وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي اشْتِرَاطِ النِّصَابِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ «لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ» فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنَّهُ أُخْرِجَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ عَادَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ عَدَمِ إحْرَازِ حَوَائِطِهَا فَتَرْكُ الْقَطْعِ لِعَدَمِ الْحِرْزِ فَإِذَا أُحْرِزَتْ الْحَوَائِطُ كَانَتْ كَغَيْرِهَا.
(وَعَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) لَا يُعْرَفُ لَهُ اسْمٌ، عِدَادُهُ فِي أَهْلِ الْحِجَازِ وَرَوَى عَنْهُ أَبُو الْمُنْذِرِ مَوْلَى أَبِي ذَرٍّ هَذَا الْحَدِيثَ (وَقَالَ: «أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلِصٍّ قَدْ اعْتَرَفَ اعْتِرَافًا وَلَمْ يُوجَدْ مَعَهُ مَتَاعٌ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا إخَالُكَ سَرَقْت قَالَ: بَلَى فَأَعَادَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَ وَجِيءَ بِهِ فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ اللَّهَ وَتُبْ إلَيْهِ؛ فَقَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إلَيْهِ؛ فَقَالَ: اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ ثَلَاثًا». أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَاللَّفْظُ لَهُ وَأَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ) وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ وَالْحَدِيثُ إذَا رَوَاهُ مَجْهُولٌ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً وَلَمْ يَجِبْ الْحُكْمُ بِهِ، قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ أَبُو الْمُنْذِرِ الْمَذْكُورُ فِي إسْنَادِهِ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إلَّا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ تَلْقِينُ السَّارِقِ الْإِنْكَارَ، وَقَدْ رُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِسَارِقٍ: أَسَرَقْت؟ قُلْ: لَا» قَالَ الرَّافِعِيُّ لَمْ يُصَحِّحُوا هَذَا الْحَدِيثَ، وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: قَوْلُهُ: قُلْ: لَا - لَمْ يُصَحِّحْهُ الْأَئِمَّةُ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مَوْقُوفًا عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ أُتِيَ بِجَارِيَةٍ سَرَقَتْ، فَقَالَ: أَسَرَقْت؟ قُولِي: لَا؛ فَقَالَتْ: لَا؛ فَخَلَّى سَبِيلَهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute