٦٢٠ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْوِصَالِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ: فَإِنَّك تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: وَأَيُّكُمْ مِثْلِي؟ إنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنْ الْوِصَالِ وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا، ثُمَّ يَوْمًا ثُمَّ رَأَوْا الْهِلَالَ، فَقَالَ: لَوْ تَأَخَّرَ الْهِلَالُ لَزِدْتُكُمْ كَالْمُنَكِّلِ، لَهُمْ حِينَ أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْوِصَالِ» هُوَ تَرْكُ الْفِطْرِ بِالنَّهَارِ وَفِي لَيَالِي رَمَضَانَ بِالْقَصْدِ (فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ) قَالَ الْمُصَنِّفُ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ «فَإِنَّك تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: وَأَيُّكُمْ مِثْلِي إنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنْ الْوِصَالِ وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا ثُمَّ رَأَوْا الْهِلَالَ فَقَالَ: لَوْ تَأَخَّرَ الْهِلَالُ لَزِدْتُكُمْ كَالْمُنَكِّلِ لَهُمْ حِينَ أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَأَنَسٍ وَتَفَرَّدَ مُسْلِمٌ بِإِخْرَاجِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْوِصَالِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي النَّهْيِ، وَقَدْ أُبِيحَ الْوِصَالُ إلَى السَّحَرِ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ «فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ إلَى السَّحَرِ» وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إمْسَاكَ بَعْضِ اللَّيْلِ مُوَاصَلَةٌ. وَهُوَ يَرُدُّ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّ اللَّيْلَ لَيْسَ مَحَلًّا لِلصَّوْمِ فَلَا يَنْعَقِدُ بِنِيَّتِهِ.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْوِصَالَ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَقِيلَ: التَّحْرِيمُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: مُحَرَّمٌ فِي حَقِّ مَنْ يَشُقُّ عَلَيْهِ وَيُبَاحُ لِمَنْ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ رَأْيُ الْأَكْثَرِ لِلنَّهْيِ وَأَصْلُهُ التَّحْرِيمُ.
وَاسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ: إنَّهُ لَا يَحْرُمُ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاصَلَ بِهِمْ وَلَوْ كَانَ النَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ لَمَا أَقَرَّهُمْ عَلَيْهِ فَهُوَ قَرِينَةٌ أَنَّهُ لِلْكَرَاهَةِ رَحْمَةً لَهُمْ وَتَخْفِيفًا عَنْهُمْ، وَلِأَنَّهُ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد عَنْ رَجُلٍ مِنْ الصَّحَابَةِ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْحِجَامَةِ وَالْمُوَاصَلَةِ وَلَمْ يُحَرِّمْهُمَا إبْقَاءً عَلَى أَصْحَابِهِ» إسْنَادُهُ صَحِيحٌ " وَإِبْقَاءً " مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: " نَهَى ". وَرَوَى الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْوِصَالِ وَلَيْسَ بِالْعَزِيمَةِ» وَيَدُلُّ لَهُ أَيْضًا مُوَاصَلَةُ الصَّحَابَةِ فَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ " أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يُوَاصِلُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا " وَذَكَرَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ غَيْرُهُ فَلَوْ فَهِمُوا التَّحْرِيمَ لَمَا فَعَلُوهُ، وَيَدُلُّ لِلْجَوَازِ أَيْضًا مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ السَّكَنِ مَرْفُوعًا «إنَّ اللَّهَ لَمْ يَكْتُبْ الصِّيَامَ بِاللَّيْلِ فَمَنْ شَاءَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute