عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ، أَوْ يُفِيقَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْأَرْبَعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
(وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رُفِعَ الْقَلَمُ» أَيْ لَيْسَ يَجْرِي أَصَالَةً لَا أَنَّهُ رُفِعَ بَعْدَ وَضْعٍ وَالْمُرَادُ بِرَفْعِ الْقَلَمِ عَدَمُ الْمُؤَاخَذَةِ لَا قَلَمُ الثَّوَابِ، فَلَا يُنَافِيهِ صِحَّةُ إسْلَامِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ كَمَا ثَبَتَ فِي «غُلَامِ الْيَهُودِيِّ الَّذِي كَانَ يَخْدُمُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَرَضَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْإِسْلَامَ فَأَسْلَمَ، فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ» وَكَذَلِكَ ثَبَتَ أَنَّ «امْرَأَةً رَفَعَتْ إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَبِيًّا، فَقَالَتْ أَلِهَذَا حَجٌّ؟ فَقَالَ: نَعَمْ وَلَك أَجْرٌ» وَنَحْوُ هَذَا كَثِيرٌ فِي الْأَحَادِيثِ.
(عَنْ «ثَلَاثَةٍ عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنْ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ، أَوْ يُفِيقَ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْأَرْبَعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ).
الْحَدِيثُ فِيهِ كَلَامٌ كَثِيرٌ لِأَئِمَّةِ الْحَدِيثِ. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الثَّلَاثَةَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِمْ تَكْلِيفٌ، وَهُوَ فِي النَّائِمِ الْمُسْتَغْرِقِ إجْمَاعٌ وَالصَّغِيرِ الَّذِي لَا تَمْيِيزَ لَهُ.
وَفِيهِ خِلَافٌ إذَا عَقَلَ وَمَيَّزَ وَالْحَدِيثُ جَعَلَ غَايَةَ رَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُ إلَى أَنْ يَكْبُرَ فَقِيلَ: إلَى أَنْ يُطِيقَ الصِّيَامَ وَيُحْصِيَ الصَّلَاةَ، وَهَذَا لِأَحْمَدَ وَقِيلَ: إذَا بَلَغَ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ سَنَةً وَقِيلَ: إذَا نَاهَزَ الِاحْتِلَامَ وَقِيلَ: إذَا بَلَغَ وَالْبُلُوغُ يَكُونُ بِالِاحْتِلَامِ فِي حَقِّ الذَّكَرِ مَعَ إنْزَالِ الْمَنِيِّ إجْمَاعًا وَفِي حَقِّ الْأُنْثَى عِنْدَ الْهَادَوِيَّةِ، وَبُلُوغِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَإِنْبَاتِ الشَّعْرِ الْأَسْوَدِ الْمُتَجَعِّدِ فِي الْعَانَةِ بَعْدَ تِسْعِ سِنِينَ عِنْدَ الْهَادَوِيَّةِ وَكَذَلِكَ الْإِمْنَاءُ فِي حَالِ الْيَقِظَةِ إذَا كَانَ لِشَهْوَةٍ. وَفِي الْكُلِّ خِلَافٌ مَعْرُوفٌ.
وَأَمَّا الْمَجْنُونُ فَالْمُرَادُ بِهِ زَائِلُ الْعَقْلِ فَيَدْخُلُ فِيهِ السَّكْرَانُ وَالطِّفْلُ كَمَا يَدْخُلُ الْمَجْنُونُ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي طَلَاقِ السَّكْرَانِ عَلَى قَوْلَيْنِ: (الْأَوَّلُ): أَنَّهُ لَا يَقَعُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عُثْمَانُ وَجَابِرٌ وَزَيْدٌ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} فَجَعَلَ قَوْلَ السَّكْرَانِ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا يَقُولُ وَبِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ لِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ التَّكْلِيفِ الْعَقْلَ وَمَنْ لَا يَعْقِلُ مَا يَقُولُ فَلَيْسَ بِمُكَلَّفٍ، أَوْ بِأَنَّهُ كَانَ يَلْزَمُ أَنْ يَقَعَ طَلَاقُهُ إذَا كَانَ مُكْرَهًا عَلَى شُرْبِهَا، أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ بِأَنَّهَا خَمْرٌ، وَلَا يَقُولُهُ الْمُخَالِفُ.
(الثَّانِي): وُقُوعُ طَلَاقِ السَّكْرَانِ وَيُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَعَنْ الْهَادِي وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَاحْتَجَّ لَهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى}، فَإِنَّهُ نَهْيٌ لَهُمْ عَنْ قُرْبَانِهَا حَالَ السُّكْرِ وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ حَالَ سُكْرِهِمْ وَالْمُكَلَّفُ يَصِحُّ مِنْهُ الْإِنْشَاءَاتُ وَبِأَنَّ إيقَاعَ الطَّلَاقِ عُقُوبَةٌ لَهُ وَبِأَنَّ تَرْتِيبَ الطَّلَاقِ عَلَى التَّطْلِيقِ مِنْ بَابِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِأَسْبَابِهَا، فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ السُّكْرُ وَبِأَنَّ الصَّحَابَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute