٣٧٩ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا أَمَّ أَحَدُكُمْ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيهِمْ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ، فَإِذَا صَلَّى وَحْدَهُ فَلْيُصَلِّ كَيْفَ شَاءَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
بَعْضُ وُجُوهِ تَرْجِيحِ خِلَافِهِ وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ بِتَعَدُّدِ الْقِصَّةِ وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى تَارَةً إمَامًا وَتَارَةً مَأْمُومًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ هَذَا.
وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا وَقَوْلِهَا «يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَقْتَدِي النَّاسُ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ» أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ مَأْمُومًا إمَامًا، وَقَدْ بَوَّبَ الْبُخَارِيُّ عَلَى هَذَا فَقَالَ (بَابُ الرَّجُلِ يَأْتَمُّ بِالْإِمَامِ وَيَأْتَمُّ النَّاسُ بِالْمَأْمُومِ) قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ هَذَا يُوَافِقُ قَوْلَ مَسْرُوقٍ وَالشَّعْبِيِّ: إنَّ الصُّفُوفَ يَؤُمُّ بَعْضُهَا بَعْضًا خِلَافًا لِلْجُمْهُورِ قَالَ الْمُصَنِّفُ: قَالَ الشَّعْبِيُّ مِنْ أَحْرَمَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ رُءُوسَهُمْ مِنْ الرَّكْعَةِ إنَّهُ أَدْرَكَهَا وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ رَفَعَ قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَئِمَّةٌ فَهَذَا يَدُلُّ أَنَّهُ يَرَى أَنَّهُمْ مُتَحَمِّلُونَ عَنْ بَعْضِهِمْ بَعْضًا مَا يَتَحَمَّلُهُ الْإِمَامُ وَيُؤَيِّدُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَقَدَّمُوا فَأَتَمُّوا بِي وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ» وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُسْمِعُهُمْ التَّكْبِيرَ» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّكْبِيرِ لِإِسْمَاعِ الْمَأْمُومِينَ فَيَتَّبِعُونَهُ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُقْتَدِي اتِّبَاعُ صَوْتِ الْمُكَبِّرِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ، وَفِيهِ خِلَافٌ لِلْمَالِكِيَّةِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ مَذْهَبِهِمْ: إنَّ مِنْهُمْ مَنْ يُبْطِلُ صَلَاةَ الْمُقْتَدِي وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُبْطِلُهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنْ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ بِالْإِسْمَاعِ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا وَلَهُمْ تَفَاصِيلُ غَيْرُ هَذِهِ لَيْسَ عَلَيْهَا دَلِيلٌ، وَكَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: إنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ هُوَ الْإِمَامُ، وَلَا كَلَامَ أَنَّهُ يَرْفَعُ صَوْتَهُ لِإِعْلَامِ مَنْ خَلْفَهُ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا أَمَّ أَحَدُكُمْ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمْ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ»، وَهَؤُلَاءِ يُرِيدُونَ التَّخْفِيفَ فَيُلَاحِظُهُمْ الْإِمَامُ «وَإِذَا صَلَّى وَحْدَهُ فَلْيُصَلِّ كَيْفَ شَاءَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مُخَفِّفًا وَمُطَوِّلًا.
، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَطْوِيلِ الْمُنْفَرِدِ لِلصَّلَاةِ فِي جَمِيعِ أَرْكَانِهَا وَلَوْ خَشِيَ خُرُوجَ الْوَقْتِ وَصَحَّحَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ، وَلَكِنَّهُ مُعَارَضٌ بِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ «إنَّمَا التَّفْرِيطُ أَنْ تُؤَخِّرَ الصَّلَاةَ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الْأُخْرَى» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فَإِذَا تَعَارَضَتْ مَصْلَحَةُ الْمُبَالَغَةِ فِي الْكَمَالِ بِالتَّطْوِيلِ وَمُفْسِدَةُ إيقَاعِ الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ وَقْتِهَا كَانَتْ مُرَاعَاةُ تَرْكِ الْمَفْسَدَةِ أَوْلَى، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إنَّمَا يُرِيدُ بِالْمُؤَخِّرِ حَتَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute