. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مُحَرَّقٍ» وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَفْحَصِ الْقَطَاةِ لَا يَصِحُّ تَسْبِيلُهُ وَلَا التَّصَدُّقُ بِالظِّلْفِ الْمُحَرَّقِ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهِمَا فَمَا قَصَدَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا الْمُبَالَغَةَ فِي التَّرْهِيبِ.
(الثَّانِيَةُ): اخْتَلَفَ الْجُمْهُورُ فِي قَدْرِ النِّصَابِ بَعْدَ اشْتِرَاطِهِمْ لَهُ عَلَى أَقْوَالٍ بَلَغَتْ إلَى عِشْرِينَ قَوْلًا وَاَلَّذِي قَامَ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ مِنْهَا قَوْلَانِ:
(الْأَوَّلُ): أَنَّ النِّصَابَ الَّذِي تُقْطَعُ بِهِ رُبُعُ دِينَارٍ مِنْ الذَّهَبِ، وَثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ مِنْ الْفِضَّةِ وَهَذَا مَذْهَبُ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ مُسْتَدِلِّينَ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ بَيَانٌ لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ كَمَا سَمِعْت وَهُوَ نَصٌّ فِي رُبُعِ الدِّينَارِ قَالُوا: وَالثَّلَاثَةُ الدَّرَاهِمُ قِيمَتُهَا رُبُعُ دِينَارٍ وَلِمَا يَأْتِي مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطَعَ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ» قَالَ الشَّافِعِيُّ: إنَّ الثَّلَاثَةَ الدَّرَاهِمَ إذَا لَمْ تَكُنْ قِيمَتُهَا رُبُعُ دِينَارٍ لَمْ تُوجِبْ الْقَطْعَ، وَاحْتَجَّ لَهُ أَيْضًا بِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَنَّهُ أَتَى عُثْمَانُ بِسَارِقٍ سَرَقَ أُتْرُجَّةً قُوِّمَتْ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ مِنْ حِسَابِ الدِّينَارِ بِاثْنَيْ عَشَرَ فَقَطَعَ.
وَأَخْرَجَ أَيْضًا أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَطَعَ فِي رُبُعِ دِينَارٍ كَانَتْ قِيمَتُهُ دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: رُبُعُ الدِّينَارِ مُوَافِقٌ الثَّلَاثَةَ الدَّرَاهِمَ وَذَلِكَ أَنَّ الصَّرْفَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا بِدِينَارٍ وَكَانَ كَذَلِكَ بَعْدَهُ، وَلِهَذَا قُوِّمَتْ الدِّيَةُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا مِنْ الْوَرِقِ وَأَلْفَ دِينَارٍ مِنْ الذَّهَبِ.
(الْقَوْلُ الثَّانِي) لِلْهَادَوِيَّةِ وَأَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْعِرَاقِ أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْقَطْعَ إلَّا سَرِقَةُ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَلَا يَجِبُ فِي أَقَلِّ مِنْ ذَلِكَ. وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ ثَمَنُ الْمِجَنِّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَشَرَةَ دَرَاهِمَ. وَرَوَى أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مِثْلَهُ؛ قَالُوا: وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطَعَ فِي مِجَنٍّ» وَإِنْ كَانَ فِيهِمَا أَنَّ قِيمَتَهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ لَكِنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ قَدْ عَارَضَتْ رِوَايَةَ الصَّحِيحَيْنِ وَالْوَاجِبُ الِاحْتِيَاطُ فِيمَا يُسْتَبَاحُ بِهِ الْعُضْوُ الْمُحَرَّمُ قَطْعُهُ إلَّا بِحَقِّهِ فَيَجِبُ الْأَخْذُ بِالْمُتَيَقَّنِ وَهُوَ الْأَكْبَرُ؛ وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: ذَهَبَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ مَعَ جَلَالَتِهِ فِي الْحَدِيثِ إلَى أَنَّ الْقَطْعَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَذَلِكَ أَنَّ الْيَدَ مُحَرَّمَةٌ بِالْإِجْمَاعِ فَلَا تُسْتَبَاحُ إلَّا بِمَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ وَالْعَشَرَةُ مُتَّفَقٌ عَلَى الْقَطْعِ بِهَا عِنْدَ الْجَمِيعِ فَيُتَمَسَّكُ بِهِ مَا لَمْ يَقَعْ الِاتِّفَاقُ عَلَى دُونِ ذَلِكَ.
(قُلْت): قَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ الِاضْطِرَابُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute