بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ
٥٠٧ - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ - فِي الَّذِي سَقَطَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَمَاتَ: اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ)، وَقَدْ وَرَدَ التَّشْدِيدُ فِي الدَّيْنِ حَتَّى تَرَكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ حَتَّى تَحَمَّلَهُ عَنْهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ، وَأَخْبَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ عِنْدَ أَوَّلِ دَفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ كُلُّ ذَنْبٍ إلَّا الدَّيْنَ.
، وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ الدَّلَائِلِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَزَالُ الْمَيِّتُ مَشْغُولًا بِدَيْنِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَفِيهِ حَثٌّ عَلَى التَّخَلُّصِ عَنْهُ قَبْلَ الْمَوْتِ، وَأَنَّهُ أَهَمُّ الْحُقُوقِ، وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الدَّيْنِ الْمَأْخُوذِ بِرِضَا صَاحِبِهِ فَكَيْفَ بِمَا أُخِذَ غَصْبًا وَنَهْبًا وَسَلْبًا.
(وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي الَّذِي سَقَطَ عَنْ رَاحِلَتِهِ) فَمَاتَ وَذَلِكَ، وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ عَلَى رَاحِلَتِهِ كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ تَمَامُهُ " وَلَا تُحَنِّطُوهُ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ " وَبَعْدَهُ فِي الْبُخَارِيِّ «فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ غُسْلِ الْمَيِّتِ قَالَ النَّوَوِيُّ: الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ فَرْضُ كِفَايَةٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ نَقْلِهِ فِي الْفَتْحِ، وَهُوَ ذُهُولٌ شَدِيدٌ فَإِنَّ الْخِلَافَ فِيهِ مَشْهُورٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ حَتَّى إنَّ الْقُرْطُبِيَّ رَجَّحَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ سُنَّةٌ، وَلَكِنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى وُجُوبِهِ، وَقَدْ رَدَّ ابْنُ الْعَرَبِيِّ عَلَى مَنْ لَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ، وَقَالَ: قَدْ تَوَارَدَ الْقَوْلُ وَالْعَمَلُ وَغُسِّلَ الطَّاهِرُ الْمُطَهَّرُ فَكَيْفَ بِمَنْ سِوَاهُ، وَيَأْتِي كَمِّيَّةُ الْغَسَلَاتِ فِي حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ قَرِيبًا، وَقَوْلُهُ " بِمَاءٍ وَسِدْرٍ " ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُخْلَطُ السِّدْرُ بِالْمَاءِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ مِنْ مَرَّاتِ الْغُسْلِ قِيلَ، وَهُوَ يُشْعِرُ بِأَنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ لِلتَّنْظِيفِ لَا لِلتَّطْهِيرِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ الْمُضَافَ لَا يُتَطَهَّرُ بِهِ قِيلَ: وَقَدْ يُقَالُ يُحْتَمَلُ أَنَّ السِّدْرَ لَا يُغَيِّرُ وَصْفَ الْمَاءِ فَلَا يَصِيرُ مُضَافًا وَذَلِكَ بِأَنْ يُمَعَّكَ بِالسِّدْرِ ثُمَّ يُغَسَّلَ بِالْمَاءِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: يُجْعَلُ السِّدْرُ فِي مَاءٍ ثُمَّ يُخَضْخَضُ إلَى أَنْ تَخْرُجَ رَغْوَتُهُ وَيُدَلَّكَ بِهِ جَسَدُ الْمَيِّتِ ثُمَّ يُصَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْقَرَاحُ هَذِهِ غَسْلَةٌ وَقِيلَ: لَا يُطْرَحُ السِّدْرُ فِي الْمَاءِ أَيْ لِئَلَّا يُمَازِجَ الْمَاءَ فَيُغَيِّرَ وَصْفَ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ.
وَتَمَسَّكَ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute