١٢٥٨ - وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ حَرَامٌ وَفِيهِ إتْلَافُ اللَّحْمِ لِأَنَّهُ مَيْتَةٌ فَعَرَفْت قُوَّةَ كَلَامِ أَهْلِ الظَّاهِرِ. وَأَمَّا حَدِيثُ الْكِتَابِ وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِأَكْلِ مَا ذُبِحَ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ عَلَى أَهْلِ الظَّاهِرِ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ بِحِلِّ مَا ذُبِحَ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ مَخَافَةَ أَنْ يَمُوتَ أَوْ نَحْوَهُ. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ تَمْكِينُ الْكُفَّارِ مِمَّا هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَيَدُلُّ لَهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عُمَرُ عَنْ لُبْسِ الْحُلَّةِ مِنْ الْحَرِيرِ فَبَعَثَ بِهَا عُمَرُ لِأَخِيهِ الْمُشْرِكِ إلَى مَكَّةَ» كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْفَتْحِ وَيَدُلُّ الْحَدِيثُ عَلَى تَصْدِيقِ الْأَجِيرِ الْأَمِينِ فِيمَا اُؤْتُمِنَ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ عَلَيْهِ دَلِيلُ الْخِيَانَةِ لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ أَمَةً رَاعِيَةً لِغَنَمِ سَيِّدِهَا وَهُوَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ فَخَشِيَتْ عَلَى الشَّاةِ أَنْ تَمُوتَ فَذَبَحَتْهَا. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ تَصَرُّفِ الْمُودَعِ لِمَصْلَحَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ.
(عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ) سَبَبُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا لَاقُوا الْعَدُوِّ غَدًا وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (مَا أَنْهَرَ الدَّمَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ فَنُونٌ سَاكِنَةٌ فَهَاءٌ مَفْتُوحَةٌ فَرَاءٌ أَيْ مَا أَسَالَهُ وَصَبَّهُ بِكَثْرَةٍ مِنْ النَّهْرِ «وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفْرَ، أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ وَأَمَّا الظَّفَرُ فَمُدَى» بِضَمِّ الْمِيمِ وَبِفَتْحِهَا وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ فَأَلِفٌ مَقْصُورَةٌ جَمْعُ مُدْيَةٍ مُثَلَّثَةُ الْمِيمِ وَهِيَ الشَّفْرَةُ أَيْ السِّكِّينُ (الْحَبَشَةُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) وَفِيهِ دَلَالَةٌ صَرِيحَةٌ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الذَّكَاةِ مَا يَقْطَعُ وَيُجْرِي الدَّمَ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَكُونُ الذَّكَاةُ بِالنَّحْرِ لِلْإِبِلِ وَهُوَ الضَّرْبُ بِالْحَدِيدِ فِي لَبَّةِ الْبَدَنَةِ حَتَّى يُفْرَى أَوْدَاجُهَا وَاللَّبَّةُ بِفَتْحِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ مَوْضِعُ الْقِلَادَةِ فِي الصَّدْرِ. وَالذَّبْحُ لِمَا عَدَاهَا وَهُوَ قَطْعُ الْأَوْدَاجِ أَيْ الْوَدَجَيْنِ وَهُمَا عِرْقَانِ مُحِيطَانِ بِالْحُلْقُومِ فَقَوْلُهُمْ الْأَوْدَاجُ تَغْلِيبٌ عَلَى الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ فَسُمِّيَتْ الْأَرْبَعَةُ أَوْدَاجًا. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ الْأَرْبَعَةِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَكْفِي قَطْعُ ثَلَاثَةٍ مِنْ أَيِّ جَانِبٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَكْفِي قَطْعُ الْأَوْدَاجِ وَالْمَرِيءِ وَعَنْ الثَّوْرِيِّ يُجْزِئُ قَطْعُ الْوَدَجَيْنِ وَعَنْ مَالِكٍ يُشْتَرَطُ قَطْعُ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " مَا أَنْهَرَ الدَّمَ " وَإِنْهَارُهُ إجْرَاؤُهُ وَذَلِكَ يَكُونُ بِقَطْعِ الْأَوْدَاجِ لِأَنَّهَا مَجْرَى الدَّمِ وَأَمَّا الْمَرِيءُ فَهُوَ مَجْرَى الطَّعَامِ وَلَيْسَ بِهِ مِنْ الدَّمِ مَا يَحْصُلُ بِهِ إنْهَارُهُ. وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُجَزِّئ الذَّبْحُ بِكُلِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute