١١٣٠ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «أَتَى رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ - فَنَادَاهُ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي زَنَيْت، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَتَنَحَّى تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي زَنَيْت، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، حَتَّى ثَنَّى ذَلِكَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَقَالَ: أَبِكَ جُنُونٌ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَهَلْ أَحْصَنْت؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
بِأَنَّ السُّكُوتَ عَنْ ذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى سُقُوطِهِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إنَّ جَلْدَ مَنْ ذَكَرَ مِنْ الْخَمْسَةِ الَّذِينَ رَجَمَهُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ وَقَعَ مَعَ كَثْرَةِ مَنْ يَحْضُرُ عَذَابَهُمَا مِنْ طَوَائِفِ الْمُؤْمِنِينَ يَبْعُدُ أَنَّهُ لَا يَرْوِيهِ أَحَدٌ مِمَّنْ حَضَرَ فَعَدَمُ إثْبَاتِهِ فِي رِوَايَةٍ مِنْ الرِّوَايَاتِ مَعَ تَنَوُّعِهَا وَاخْتِلَافِ أَلْفَاظِهَا دَلِيلُ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ الْجَلْدُ فَيَقْوَى مَعَهُ الظَّنُّ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ، وَفِعْلُ عَلِيٍّ ظَاهِرٌ أَنَّهُ اجْتِهَادٌ مِنْهُ لِقَوْلِهِ: جَلَدْتهَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَرَجَمْتهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ أَنَّهُ عَمِلَ بِاجْتِهَادٍ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الدَّلِيلِينَ، فَلَا يَتِمُّ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ تَوْقِيفٌ، وَإِنْ كَانَ فِي قَوْلِهِ: بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ تَوْقِيفٌ (قُلْت): وَلَا يَخْفَى قُوَّةُ دَلَالَةِ حَدِيثِ عُبَادَةَ عَلَى إثْبَاتِ جَلْدِ الثَّيِّبِ ثُمَّ رَجْمِهِ، وَلَا يَخْفَى ظُهُورُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَجْلِدْ مَنْ رَجَمَهُ فَأَنَا أَتَوَقَّفُ فِي الْحُكْمِ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ، وَكُنْت قَدْ جَزَمْت فِي مِنْحَةِ الْغَفَّارِ بِقُوَّةِ الْقَوْلِ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالرَّجْمِ ثُمَّ حَصَلَ لِي التَّوَقُّفُ هُنَا.
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ فَنَادَاهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي زَنَيْت فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَتَنَحَّى تِلْقَاءَ وَجْهِهِ» أَيْ انْتَقَلَ مِنْ النَّاحِيَةِ الَّتِي كَانَ فِيهَا إلَى النَّاحِيَةِ الَّتِي يَسْتَقْبِلُ بِهَا وَجْهَهُ «فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي زَنَيْت فَأَعْرَضَ عَنْهُ حَتَّى ثَنَّى ذَلِكَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَبِكَ جُنُونٌ؟ قَالَ لَا، قَالَ: فَهَلْ أَحْصَنْت؟» بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ فَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ فَصَادٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ تَزَوَّجْت (قَالَ: نَعَمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
الْحَدِيثُ اشْتَمَلَ عَلَى مَسَائِلَ
" الْأُولَى ": أَنَّهُ وَقَعَ مِنْهُ إقْرَارٌ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ يُشْتَرَطُ تَكْرَارُ الْإِقْرَارِ بِالزِّنَى أَرْبَعًا أَوْ لَا؛ ذَهَبَ مَنْ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُمْ وَهُمْ الْحَسَنُ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute