. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَبْصِرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَبْيَضَ سَبِطًا» بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا طَاءٌ مُهْمَلَةٌ، وَهُوَ الْكَامِلُ الْخَلْقُ مِنْ الرِّجَالِ «، فَهُوَ لِزَوْجِهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ» بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْكَافِ، وَهُوَ الَّذِي مَنَابِتُ أَجْفَانِهِ كُلُّهَا سُودٌ كَأَنَّ فِيهَا كُحْلًا وَهِيَ خِلْقَةٌ (جَعْدًا) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ فَدَالٍ مُهْمَلَةٍ، وَهُوَ مِنْ الرِّجَالِ الْقَصِيرُ «، فَهُوَ لِلَّذِي رَمَاهَا بِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) وَلَهُمَا فِي أُخْرَى فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ. وَفِي الْأَحَادِيثِ ثَبَتَتْ لَهُ عِدَّةُ صِفَاتٍ. وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا وَلِلنَّسَائِيِّ أَنَّهُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ سَرْدِ صِفَاتِ مَا فِي بَطْنِهَا: اللَّهُمَّ بَيِّنْ فَوَضَعَتْ شَبِيهًا بِاَلَّذِي ذَكَرَ زَوْجُهَا أَنَّهُ وَجَدَهُ عِنْدَهَا.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ اللِّعَانُ لِلْمَرْأَةِ الْحَامِلِ، وَلَا يُؤَخَّرُ إلَى أَنْ تَضَعَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ لِهَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالَتْ الْهَادَوِيَّةُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَيُرْوَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ لَا لِعَانَ لِنَفْيِ الْحَمْلِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ رِيحًا، فَلَا يَكُونُ لِلِّعَانِ حِينَئِذٍ مَعْنًى.
(قُلْت): وَهَذَا رَأْيٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ وَكَأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ أَنَّهُ لَا لِعَانَ بِمُجَرَّدِ ظَنِّ الْحَمْلِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ لَا لِوِجْدَانِهِ مَعَهَا الَّذِي هُوَ صُورَةُ النَّصِّ.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَنْتَفِي الْوَلَدُ بِاللِّعَانِ، وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ النَّفْيُ فِي الْيَمِينِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ وَعِنْدَ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ وَبَعْضِ أَصْحَابِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اللِّعَانُ عَلَى الْحَمْلِ إلَّا بِشَرْطِ ذِكْرِ الزَّوْجِ لِنَفْيِ الْوَلَدِ دُونَ الْمَرْأَةِ، وَأَنَّهُ يَصِحُّ نَفْيُ الْوَلَدِ، وَهُوَ حَمْلٌ وَيُؤَخَّرُ اللِّعَانُ إلَى مَا بَعْدَ الْوَضْعِ، وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِمَا بَلْ الْحَقُّ قَوْلُ الظَّاهِرِيَّةِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي اللِّعَانِ عِنْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفْيُ الْوَلَدِ وَلَمْ نَرَهُ فِي حَدِيثِ هِلَالٍ، وَلَا عُوَيْمِرٍ وَلَمْ يَكُنْ اللِّعَانُ إلَّا مِنْهُمَا فِي عَصْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَأَمَّا لِعَانُ الْحَامِلِ، فَقَدْ ثَبَتَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ، وَقَدْ أَخْرَجَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَاعَنَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ وَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهِ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَأُلْحِقَ الْوَلَدُ بِالْمَرْأَةِ».
وَفِي حَدِيثِ سَهْلٍ وَكَانَتْ حَامِلًا فَأَنْكَرَ حَمْلَهَا وَذَكَر أَنَّهُ انْتَفَى مِنْ وَلَدِهِ وَلَكِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ نَفْيِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ الرَّجُلُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَصِحُّ نَفْيُ الْحَمْلِ وَاللِّعَانُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَاعَنَهَا حَامِلًا ثُمَّ أَتَتْ بِالْوَلَدِ لَزِمَهُ وَلَمْ يُمَكَّنْ مِنْ نَفْيِهِ أَصْلًا؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ لَا يَكُونُ إلَّا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَهَذِهِ قَدْ بَانَتْ بِلِعَانِهِمَا فِي حَالِ حَمْلِهَا. وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا رَأْيٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ الثَّابِتِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا، وَإِنْ كَانَ الْبُخَارِيُّ قَدْ بَيَّنَ أَنَّ قَوْلَهُ فِيهِ وَكَانَتْ حَامِلًا مِنْ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ لَكِنَّ حَدِيثَ الْبَابِ صَحِيحٌ صَرِيحٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى الْعَمَلِ بِالْقِيَافَةِ وَكَانَ مُقْتَضَاهَا إلْحَاقُ الْوَلَدِ بِالزَّوْجِ إنْ جَاءَتْ بِهِ عَلَى صِفَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لِلْفِرَاشِ لَكِنَّهُ بَيَّنَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَانِعَ عَنْ الْحُكْمِ بِالْقِيَافَةِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا بِقَوْلِهِ لَوْلَا الْأَيْمَانُ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ.