للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٠٢٩ - وَعَنْهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ: حِسَابُكُمَا عَلَى اللَّهِ، أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ، لَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَالِي. فَقَالَ: إنْ كُنْت صَدَقْت عَلَيْهَا، فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْت مِنْ فَرْجِهَا، وَإِنْ كُنْت كَذَبْت عَلَيْهَا فَذَاكَ أَبْعَدُ لَك مِنْهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

١٠٣٠ - وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَبْصِرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَبْيَضَ سَبِطًا، فَهُوَ لِزَوْجِهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ جَعْدًا، فَهُوَ لِلَّذِي رَمَاهَا بِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

شَرِيكُ ابْنُ سَحْمَاءَ عَفَا عَنْهُ فَعُلِمَ أَنَّ الْحَدَّ الَّذِي كَانَ يَلْزَمُهُ بِالْقَذْفِ سَقَطَ عَنْهُ بِاللِّعَانِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَى ذِكْرِ مَنْ يَقْذِفُهَا بِهِ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ فَلَمْ يُحَمِّلْ نَفْسَهُ عَلَى الْقَصْدِ لَهُ بِالْقَذْفِ وَإِدْخَالِ الضَّرَرِ عَلَيْهِ.

(قُلْت): وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ فِي تَعْيِينِ مَنْ قَذَفَهَا بِهِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إنَّمَا يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْهُ إذَا ذَكَرَ الرَّجُلَ وَسَمَّاهُ فِي اللِّعَانِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ حُدَّ لَهُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْحَدُّ لَازِمٌ لَهُ وَلِلرَّجُلِ مُطَالَبَتُهُ بِهِ، وَقَالَ مَالِكٌ يُحَدُّ لِلرَّجُلِ وَيُلَاعِنُ لِلزَّوْجَةِ انْتَهَى.

(قُلْت): وَلَا دَلِيلَ فِي حَدِيثِ هِلَالٍ عَلَى سُقُوطِ الْحَدِّ بِالْقَذْفِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلْمَقْذُوفِ وَلَمْ يَرِدْ أَنَّهُ طَالَبَ بِهِ حَتَّى يَقُولَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ سَقَطَ بِاللِّعَانِ، أَوْ يُحَدُّ الْقَاذِفُ فَيَتَبَيَّنُ الْحُكْمُ وَالْأَصْلُ ثُبُوتُ الْحَدِّ عَلَى الْقَاذِفِ وَاللِّعَانُ إنَّمَا شُرِعَ لِدَفْعِ الْحَدِّ عَنْ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ.

(وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ حِسَابُكُمَا عَلَى اللَّهِ» بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ «أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ»، فَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا كَاذِبًا فَاَللَّهُ هُوَ الْمُتَوَلِّي لِجَزَائِهِ «لَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا» هُوَ إبَانَةٌ لِلْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا كَمَا سَلَفَ «قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَالِي» يُرِيدُ بِهِ الصَّدَاقَ الَّذِي سَلَّمَهُ إلَيْهَا «قَالَ إنْ كُنْت صَدَقْت عَلَيْهَا، فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْت مِنْ فَرْجِهَا، وَإِنْ كُنْت كَاذِبًا عَلَيْهَا فَذَلِكَ أَبْعَدُ لَك مِنْهَا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

الْحَدِيثُ أَفَادَ مَا سَلَفَ مِنْ الْفِرَاقِ بَيْنَهُمَا، وَأَنَّ أَحَدَهُمَا كَاذِبٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ، وَأَنْ لَا يَرْجِعَ بِشَيْءٍ مِمَّا سَلَّمَهُ مِنْ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ صَادِقًا فِي الْقَذْفِ، فَقَدْ اسْتَحَقَّتْ الْمَالَ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا، فَقَدْ اسْتَحَقَّتْهُ أَيْضًا بِذَلِكَ وَرُجُوعُهُ إلَيْهِ أَبْعَدُ؛ لِأَنَّهُ هَضَمَهَا بِالْكَذِبِ عَلَيْهَا فَكَيْفَ يَرْتَجِعُ مَا أَعْطَاهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>