٩٩ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ، ثُمَّ جَهَدهَا، فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ - وَزَادَ مُسْلِمٌ: " وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ ".
عَائِشَةَ " وَمَيْمُونَةَ " مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اكْتَفَى فِي إزَالَةِ الْجَنَابَةِ بِمُجَرَّدِ الْغُسْلِ، وَإِفَاضَةِ الْمَاءِ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالنُّكْتَةِ الَّتِي لِأَجْلِهَا عَبَّرَ فِي التَّنْزِيلِ عَنْ غَسْلِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ بِالْغَسْلِ، وَعَنْ إزَالَةِ الْجَنَابَةِ بِالتَّطْهِيرِ، مَعَ الِاتِّحَادِ فِي الْكَيْفِيَّةِ.
وَأَمَّا الْمَسْحُ فَإِنَّهُ الْإِمْرَارُ عَلَى الشَّيْءِ بِالْيَدِ، يُصِيبُ مَا أَصَابَ، وَيُخْطِئُ مَا أَخْطَأَ، فَلَا يُقَالُ: لَا يَبْقَى فَرْقٌ بَيْنَ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ الدَّلْكُ.
وَحَدِيثُ الْكِتَابِ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ كَمَا نَسَبَهُ الْمُصَنِّفُ إلَيْهِ فِي قِصَّةِ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ بِلَفْظِ الْكِتَابِ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ الْقِصَّةَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْحَدِيثَ، وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَأَصْلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ، وَهُوَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ إذَا أَعْجَلْت أَوْ أَفْحَطْتَ فَعَلَيْك الْوُضُوءُ» وَالْحَدِيثُ لَهُ طُرُقٌ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَعَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنْ أَنَسٍ.
وَالْحَدِيثُ دَالٌّ بِمَفْهُومِ الْحَصْرِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ تَعْرِيفِ الْمُسْنَدِ إلَيْهِ؛ وَقَدْ وَرَدَ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ «إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» عَلَى أَنَّهُ لَا غُسْلَ إلَّا مِنْ الْإِنْزَالِ، وَلَا غُسْلَ مِنْ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ دَاوُد، وَقَلِيلٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ؛ وَفِي الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ سُئِلَ عُثْمَانُ عَمَّنْ يُجَامِعُ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يُمْنِ فَقَالَ: يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ قَالَ عُثْمَانُ: سَمِعْته مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَبِمِثْلِهِ قَالَ عَلِيٌّ، وَالزُّبَيْرُ، وَطَلْحَةُ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَبُو أَيُّوبَ، وَرَفَعَهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ؛ الْغُسْلُ أَحْوَطُ؛ وَقَالَ الْجُمْهُورُ؛ هَذَا الْمَفْهُومُ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْآتِي:
وَعَنْ " أَبِي هُرَيْرَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إذَا جَلَسَ] أَيْ الرَّجُلُ الْمَعْلُومُ مِنْ السِّيَاقِ [بَيْنَ شُعَبِهَا أَيْ الْمَرْأَةِ الْأَرْبَعِ بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ فَمُوَحَّدَةٌ جَمْعُ شُعْبَةٍ [ثُمَّ جَهَدَهَا بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْهَاءِ، مَعْنَاهُ كَدَّهَا بِحَرَكَتِهِ: أَيْ بَلَغَ جَهْدَهُ فِي الْعَمَلِ بِهَا [فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ]، وَفِي مُسْلِمٍ [ثُمَّ اجْتَهَدَ]، وَعِنْدَ أَبِي دَاوُد: «وَأَلْزَقَ الْخِتَانَ بِالْخِتَانِ ثُمَّ جَهَدَهَا» قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَهْدَ هُنَا كِنَايَةٌ عَنْ مُعَالَجَةِ الْإِيلَاجِ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؛ زَادَ مُسْلِمٌ [وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ]. وَالشُّعَبُ الْأَرْبَعُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute