٣٧ - وَعَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ فِي الْوُضُوءِ». أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.
٣٨ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: «إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَى بِثُلُثَيْ مُدٍّ، فَجَعَلَ يَدْلُكُ ذِرَاعَيْهِ». أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.
وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ فِي حَقِّهِ الْمُبَالَغَةُ؛ لِئَلَّا يَنْزِلَ إلَى حَلْقِهِ مَا يُفْطِرُهُ، وَدَلَّ ذَلِكَ عَنْ أَنَّ الْمُبَالَغَةَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ، إذْ لَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً لَوَجَبَ عَلَيْهِ التَّحَرِّي، وَلَمْ يَجُزْ لَهُ تَرْكُهَا.
وَقَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد: «إذَا تَوَضَّأْت فَمَضْمِضْ» يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ الْمَضْمَضَةِ؛ وَمَنْ قَالَ لَا تَجِبُ، جَعَلَ الْأَمْرَ لِلنَّدَبِ لِقَرِينَةِ مَا سَلَفَ مِنْ حَدِيثِ " رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ " فِي أَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْأَعْرَابِيِّ بِصِفَةِ الْوُضُوءِ الَّذِي لَا تُجْزِئُ الصَّلَاةُ إلَّا بِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ.
[وَعَنْ " عُثْمَانَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هُوَ: " أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ " الْأُمَوِيُّ، الْقُرَشِيُّ، أَحَدُ الْخُلَفَاءِ، وَأَحَدُ الْعَشَرَةِ أَسْلَمَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، وَهَاجَرَ إلَى الْحَبَشَةِ الْهِجْرَتَيْنِ، وَتَزَوَّجَ بِنْتَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " رُقَيَّةَ " أَوَّلًا، ثُمَّ لَمَّا تُوُفِّيَتْ زَوَّجَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأُمِّ كُلْثُومٍ اُسْتُخْلِفَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ، وَقُتِلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِثَمَانِ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ الْحَرَامِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ، وَدُفِنَ لَيْلَةَ السَّبْتِ بِالْبَقِيعِ، وَعُمْرُهُ اثْنَتَانِ وَثَمَانُونَ سَنَةً، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ فِي الْوُضُوءِ» أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَابْنُ حِبَّانَ، مِنْ رِوَايَةِ " عَامِرِ بْنِ شَقِيقٍ "، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدِيثُهُ حَسَنٌ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: لَا نَعْلَمُ فِيهِ ضَعْفًا بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهٍ، هَذَا كَلَامُهُ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ لِلْحَدِيثِ شَوَاهِدَ عَنْ " أَنَسٍ "، " وَعَائِشَةَ "، " وَعَلِيٍّ " وَعَمَّارٍ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ " أُمِّ سَلَمَةَ "، " وَأَبِي أَيُّوبَ "، " وَأَبِي أُمَامَةَ " " وَابْنِ عُمَرَ "، " وَجَابِرٍ "، " وَابْنِ عَبَّاسٍ "، " وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ عَلَى جَمِيعِهَا بِالتَّضْعِيفِ إلَّا حَدِيثَ " عَائِشَةَ ".
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ أَبِيهِ: لَيْسَ فِي تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ شَيْءٌ. وَحَدِيثُ " عُثْمَانَ " هَذَا دَالٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ، وَأَمَّا وُجُوبُهُ فَاخْتُلِفَ فِيهِ، فَعِنْدَ الْهَادَوِيَّةِ يَجِبُ كَقَبْلِ نَبَاتِهَا، وَالْأَحَادِيثُ وَرَدَتْ بِالْأَمْرِ بِالتَّخْلِيلِ، إلَّا أَنَّهَا أَحَادِيثُ مَا سَلِمَتْ عَنْ الْإِعْلَالِ وَالتَّضْعِيفِ، فَلَمْ تَنْتَهِضُ عَلَى الْإِيجَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute