بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ
٥٨٥ - عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَكَاةَ الْفِطْرِ، صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ: عَلَى الْعَبْدِ، وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ، وَالْكَبِيرِ، مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلَاةِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
(بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ) أَيْ الْإِفْطَارُ وَأُضِيفَتْ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُهَا كَمَا يَدُلُّ لَهُ مَا فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْبُخَارِيِّ: زَكَاةُ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا» نُصِبَ عَلَى التَّمْيِيزِ أَوْ بَدَلٌ مِنْ زَكَاةٍ، بَيَانٌ لَهَا «مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلَاةِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ لِقَوْلِهِ: " فَرَضَ " فَإِنَّهُ بِمَعْنَى أَلْزَمَ وَأَوْجَبَ.
قَالَ إِسْحَاقُ هِيَ وَاجِبَةٌ بِالْإِجْمَاعِ وَكَأَنَّهُ مَا عُلِمَ فِيهَا الْخِلَافُ لِدَاوُدَ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ فَإِنَّهُمْ قَائِلُونَ: إنَّهَا سُنَّةٌ وَتَأَوَّلُوا فَرَضَ بِأَنَّ الْمُرَادَ قَدْ وَرَدَ هَذَا التَّأْوِيلُ بِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ.
وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهَا كَانَتْ فَرْضًا ثُمَّ نُسِخَتْ بِالزَّكَاةِ؛ لِحَدِيثِ قَيْسِ بْنِ عُبَادَةَ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الزَّكَاةُ فَلَمَّا نَزَلَتْ الزَّكَاةُ لَمْ يَأْمُرْنَا وَلَمْ يَنْهَنَا» فَهُوَ قَوْلٌ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ فِيهِ رَاوٍ مَجْهُولٌ وَلَوْ سَلِمَ صِحَّتُهُ فَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى النَّسْخِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ أَمْرِهِ لَهُمْ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ ثَانِيًا لَا يُشْعِرُ بِأَنَّهَا نُسِخَتْ فَإِنَّهُ يَكْفِي الْأَمْرُ الْأَوَّلُ وَلَا يَرْفَعُهُ عَدَمُ الْأَمْرِ.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى عُمُومِ وُجُوبِهَا عَلَى الْعَبِيدِ وَالْأَحْرَارِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ صَغِيرًا وَكَبِيرًا غَنِيًّا وَفَقِيرًا وَقَدْ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَعْلَبَةَ أَوْ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا «أَدُّوا صَاعًا مِنْ قَمْحٍ عَنْ كُلِّ إنْسَانٍ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا أَوْ مَمْلُوكًا. أَمَّا الْغَنِيُّ فَيُزَكِّيهِ اللَّهُ وَأَمَّا الْفَقِيرُ فَيَرُدُّ اللَّهُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى»
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَرِ السُّنَنِ: فِي إسْنَادِهِ النُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ (نَعَمْ) الْعَبْدُ تَلْزَمُ مَوْلَاهُ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ: إنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَمَنْ يَقُولُ: إنَّهُ يَمْلِكُ تَلْزَمُهُ، وَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute