[باب الاعتكاف وقيام رمضان]
٦٥٢ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
الَّتِي قَدْ كَانَتْ فُرِضَتْ مَعَ أَنَّهُ لَوْ صَلَّاهَا أَحَدٌ لِوُجُوبِهَا لَمْ يَسْتَحِقَّ ثَوَابًا بَلْ يَسْتَحِقَّ الْعِقَابَ نَعَمْ أَخْرَجَ ابْنُ السُّنِّيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «مَنْ صَامَ الدَّهْرَ فَقَدْ وَهَبَ نَفْسَهُ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» إلَّا أَنَّا لَا نَدْرِي مَا صِحَّتُهُ.
الِاعْتِكَافُ لُغَةً لُزُومُ الشَّيْءِ وَحَبْسُ النَّفْسِ عَلَيْهِ وَشَرْعًا الْمَقَامُ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ شَخْصٍ مَخْصُوصٍ عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ (وَقِيَامُ رَمَضَانَ) أَيْ قِيَامُ لَيَالِيِهِ مُصَلِّيًا أَوْ تَالِيًا قَالَ النَّوَوِيُّ قِيَامُ رَمَضَانَ يَحْصُلُ بِصَلَاةِ التَّرَاوِيحِ وَهُوَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اسْتِغْرَاقُ كُلِّ اللَّيْلِ بِصَلَاةِ النَّافِلَةِ فِيهِ وَيَأْتِي مَا فِي كَلَامِ النَّوَوِيِّ.
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا) أَيْ تَصْدِيقًا بِوَعْدِ اللَّهِ لِلثَّوَابِ (وَاحْتِسَابًا) مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ كَاَلَّذِي عَطَفَ عَلَيْهِ أَيْ طَلَبًا لِوَجْهِ اللَّهِ وَثَوَابِهِ، وَالِاحْتِسَابُ مِنْ الْحَسَبِ كَالِاعْتِدَادِ مِنْ الْعَدَدِ وَإِنَّمَا قِيلَ فِيمَنْ يَنْوِي بِعَمَلِهِ وَجْهَ اللَّهِ احْتَسَبَهُ؛ لِأَنَّهُ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَعْتَدَّ عَمَلَهُ فَجَعَلَ فِي حَالِ مُبَاشَرَةِ الْفِعْلِ كَأَنَّهُ مُعْتَدٌّ بِهِ قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ (غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُرِيدُ قِيَامَ جَمِيعِ لَيَالِيِهِ وَأَنَّ مَنْ قَامَ بَعْضَهَا لَا يَحْصُلُ لَهُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَغْفِرَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَإِطْلَاقُ الذَّنْبِ شَامِلٌ لِلْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْمَعْرُوفُ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالصَّغَائِرِ وَبِهِ جَزَمَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَنَسَبَهُ عِيَاضٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا لَا تُغْفَرُ الْكَبَائِرُ إلَّا بِالتَّوْبَةِ وَقَدْ زَادَ النَّسَائِيّ فِي رِوَايَتِهِ " مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ " وَقَدْ أَخْرَجَهَا أَحْمَدُ وَأُخْرِجَتْ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ وَتَقَدَّمَ مَعْنَى مَغْفِرَةِ الذَّنْبِ الْمُتَأَخِّرِ.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى فَضِيلَةِ قِيَامِ رَمَضَانَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute