١٨٦ - وَلَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يُؤَذِّنُ إلَّا مُتَوَضِّئٌ» وَضَعَّفَهُ أَيْضًا
مِنْ أَكْلِهِ» أَيْ تَمَهَّلْ وَقْتًا يُقَدَّرُ فِيهِ فَرَاغُ الْآكِلِ مِنْ أَكْلِهِ، الْحَدِيثَ. بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ اقْرَأْ الْحَدِيثَ، أَوْ أَتِمَّ، أَوْ نَحْوُهُ، وَيَجُوزُ رَفْعُهُ عَلَى خَبَرِيَّةِ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَإِنَّمَا يَأْتُونَ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ إذَا لَمْ يَسْتَوْفُوا لَفْظَ الْحَدِيثِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُمْ: الْآيَةُ، وَالْبَيْتُ، وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَسْتَوْفِهِ الْمُصَنِّفُ وَتَمَامُهُ: " وَالشَّارِبُ مِنْ شُرْبِهِ، وَالْمُعْتَصِرُ إذَا دَخَلَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي " رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَضَعَّفَهُ. قَالَ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ، وَإِسْنَادُهُ مَجْهُولٌ. وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ " أَبِي هُرَيْرَةَ "، وَمِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ، أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخِ، وَمِنْ حَدِيثِ " أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ " أَخْرَجَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، وَكُلُّهَا وَاهِيَةٌ، إلَّا أَنَّهُ يُقَوِّيهَا الْمَعْنَى الَّذِي شُرِعَ لَهُ الْأَذَانُ
، فَإِنَّهُ نِدَاءٌ، لِغَيْرِ الْحَاضِرِينَ لِيَحْضُرُوا لِلصَّلَاةِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ وَقْتٍ يَتَّسِعُ لِلذَّهَابِ لِلصَّلَاةِ وَحُضُورِهَا، وَإِلَّا لَضَاعَتْ فَائِدَةُ النِّدَاءِ. وَقَدْ تَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ: " بَابُ كَمْ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ " وَلَكِنْ لَمْ يُثْبِت التَّقْدِيرَ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: لَا حَدَّ لِذَلِكَ غَيْرَ تَمَكُّنِ دُخُولِ الْوَقْتِ، وَاجْتِمَاعِ الْمُصَلِّينَ.:
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى شَرْعِيَّةِ التَّرَسُّلِ فِي الْأَذَانِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ الْإِعْلَامُ لِلْبَعِيدِ، وَهُوَ مَعَ التَّرَسُّلِ أَكْثَرُ إبْلَاغًا، وَعَلَى شَرْعِيَّةِ الْحَدْرِ وَالْإِسْرَاعِ فِي الْإِقَامَةِ، لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا إعْلَامُ الْحَاضِرِينَ، فَكَانَ الْإِسْرَاعُ بِهَا أُنْسَبَ، لِيَفْرُغَ مِنْهَا بِسُرْعَةٍ، فَيَأْتِي بِالْمَقْصُودِ وَهُوَ الصَّلَاةُ.
وَلَهُ] أَيْ التِّرْمِذِيُّ [عَنْ " أَبِي هُرَيْرَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يُؤَذِّنُ إلَّا مُتَوَضِّئٌ» وَضَعَّفَهُ أَيْضًا أَيْ كَمَا ضَعَّفَ الْأَوَّلَ، فَإِنَّهُ ضَعَّفَ هَذَا بِالِانْقِطَاعِ، إذْ هُوَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ " أَبِي هُرَيْرَةَ "؛ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَالزُّهْرِيُّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ " أَبِي هُرَيْرَةَ "، وَالرَّاوِي عَنْ الزُّهْرِيِّ ضَعِيفٌ، وَرِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْهُ مَوْقُوفًا إلَّا أَنَّهُ بِلَفْظِ: " لَا يُنَادِي " وَهَذَا أَصَحُّ، وَرَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ فِي كِتَابِ الْأَذَانِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ: «إنَّ الْأَذَانَ مُتَّصِلٌ بِالصَّلَاةِ فَلَا يُؤَذِّنُ أَحَدُكُمْ إلَّا وَهُوَ طَاهِرٌ». وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ لِلْأَذَانِ مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ، وَمِنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ بِالْأُولَى؛ وَقَالَتْ الْهَادَوِيَّةُ: يُشْتَرَطُ فِيهِ الطَّهَارَةُ مِنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ، فَلَا يَصِحُّ أَذَانُ الْجُنُبِ، وَيَصِحُّ مِنْ غَيْرِ الْمُتَوَضِّئِ، عَمَلًا بِهَذَا الْحَدِيثِ كَمَا قَالَهُ فِي الشَّرْحِ
قُلْت: وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْحَدِيثَ دَالٌّ عَلَى شَرْطِيَّةِ كَوْنِ الْمُؤَذِّنِ مُتَوَضِّئًا، فَلَا وَجْهَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute