١٤٠٩ - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُمَارِ أَخَاك، وَلَا تُمَازِحْهُ، وَلَا تَعِدْهُ مَوْعِدًا فَتُخْلِفَهُ» أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ.
١٤١٠ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
(وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا تُمَارِ) مِنْ الْمُمَارَاةِ وَهِيَ الْمُجَادَلَةِ (أَخَاك وَلَا تُمَازِحْهُ) مِنْ الْمُزَاحِ (وَلَا تَعِدْهُ مَوْعِدًا فَتُخْلِفَهُ " أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ فِيهِ ضَعْفٌ) لَكِنْ فِي مَعْنَاهُ أَحَادِيثُ سِيَّمَا فِي الْمِرَاءِ، فَإِنَّهُ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الصَّحَابَةِ قَالُوا: «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ نَتَمَارَى فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا لَمْ يَغْضَبْ مِثْلَهُ، ثُمَّ انْتَهَرَنَا وَقَالَ: أَبِهَذَا يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ أُمِرْتُمْ؟ إنَّمَا أُهْلِكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِمِثْلِ هَذَا ذَرُوا الْمِرَاءَ لِقِلَّةِ خَيْرِهِ، ذَرُوا الْمِرَاءَ، فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يُمَارِي، ذَرُوا الْمِرَاءَ، فَإِنَّ الْمُمَارِيَ قَدْ تَمَّتْ خَسَارَتُهُ، ذَرُوا الْمِرَاءَ، كَفَى إثْمًا أَنْ لَا تَزَالَ مُمَارِيًا، ذَرُوا الْمِرَاءَ، فَإِنَّ الْمُمَارِيَ لَا أَشْفَعُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ذَرُوا الْمِرَاءَ فَأَنَا زَعِيمٌ بِثَلَاثَةِ أَبْيَاتٍ فِي الْجَنَّةِ فِي رِيَاضِهَا أَسْفَلُهَا وَأَوْسَطُهَا وَأَعْلَاهَا لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ، وَهُوَ صَادِقٌ، ذَرُوا الْمِرَاءَ، فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَا نَهَانِي عَنْهُ رَبِّي بَعْدَ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ»
وَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ مَرْفُوعًا «إنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصْمُ» أَيْ الشَّدِيدُ الْمِرَاءِ أَيْ الَّذِي يَحُجُّ صَاحِبَهُ. وَحَقِيقَةُ الْمِرَاءِ طَعْنُك فِي كَلَامِ غَيْرِك لِإِظْهَارِ خَلَلٍ فِيهِ لِغَيْرِ غَرَضٍ سِوَى تَحْقِيرِ قَائِلِهِ وَإِظْهَارِ مَزِيَّتِك عَلَيْهِ. وَالْجِدَالُ هُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بِإِظْهَارِ الْمَذَاهِبِ وَتَقْرِيرِهَا، وَالْخُصُومَةُ لَجَاجٌ فِي الْكَلَامِ لِيَسْتَوْفِيَ بِهِ مَالًا أَوْ غَيْرَهُ، وَيَكُونُ تَارَةً ابْتِدَاءً وَتَارَةً اعْتِرَاضًا، وَالْمِرَاءُ لَا يَكُونُ إلَّا اعْتِرَاضًا، وَالْكُلُّ قَبِيحٌ إذَا لَمْ يَكُنْ لِإِظْهَارِ الْحَقِّ وَبَيَانِهِ وَإِدْحَاضِ الْبَاطِلِ وَهَدْمِ أَرْكَانِهِ. وَأَمَّا مُنَاظَرَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ لِلْفَائِدَةِ، وَإِنْ لَمْ تَخْلُ عَنْ الْجِدَالِ فَلَيْسَتْ دَاخِلَةً فِي النَّهْيِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، وَقَدْ أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ سَلَفًا وَخَلْفًا. وَأَفَادَ الْحَدِيثُ النَّهْيَ عَنْ مُمَازَحَةِ الْأَخِ، وَالْمُزَاحُ الدُّعَابَةُ، وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ مَا يَجْلِبُ الْوَحْشَةَ أَوْ كَانَ بِبَاطِلٍ، وَأَمَّا مَا فِيهِ بَسْطُ الْخُلُقِ وَحُسْنِ التَّخَاطُب وَجَبْرِ الْخَاطِرِ فَهُوَ جَائِزٌ.
فَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّك لَتُدَاعِبُنَا قَالَ: إنِّي لَا أَقُولُ إلَّا حَقًّا» وَأَفَادَ الْحَدِيثُ النَّهْيَ عَنْ إخْلَافِ الْوَعْدِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ مِنْ صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ وَظَاهِرُهُ التَّحْرِيمُ، وَقَدْ قَيَّدَهُ حَدِيثُ «أَنْ تَعِدَهُ وَأَنْتَ مُضْمِرٌ لِخِلَافِهِ» وَأَمَّا إذَا وَعَدْته وَأَنْتَ عَازِمٌ عَلَى الْوَفَاءِ فَعَرَضَ مَانِعٌ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ النَّهْيِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute