١٩ - وَعَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: «قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ، أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ؟ قَالَ: لَا تَأْكُلُوا فِيهَا، إلَّا أَنْ لَا تَجِدُوا غَيْرَهَا، فَاغْسِلُوهَا، وَكُلُوا فِيهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " مَيْمُونَةَ "، تَزَوَّجَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَهْرِ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ سَبْعٍ فِي عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهَا سَنَةَ إحْدَى وَسِتِّينَ، وَقِيلَ: إحْدَى وَخَمْسِينَ، وَقِيلَ سِتٍّ وَسِتِّينَ؛ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ؛ وَهِيَ خَالَةُ " ابْنِ عَبَّاسٍ "، وَلَمْ يَتَزَوَّجْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَهَا. قَالَتْ: «مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَاةٍ يَجُرُّونَهَا فَقَالَ: لَوْ أَخَذْتُمْ إهَابَهَا؟ فَقَالُوا: إنَّهَا مَيْتَةٌ؟ فَقَالَ: يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ وَالْقَرَظُ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَفِي لَفْظٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَلَيْسَ فِي الْمَاءِ وَالْقَرَظِ مَا يُطَهِّرُهَا»
وَأَمَّا رِوَايَةُ «أَلَيْسَ فِي الشَّثِّ وَالْقَرَظِ مَا يُطَهِّرُهَا» فَقَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّهُ بِهَذَا اللَّفْظِ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ، وَقَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: يَجُوزُ الدِّبَاغُ بِكُلِّ شَيْءٍ يُنَشِّفُ فَضَلَاتِ الْجِلْدِ؛ وَيُطَيِّبُهُ وَيَمْنَعُ مِنْ وُرُودِ الْفَسَادِ عَلَيْهِ كَالشَّثِّ وَالْقَرَظِ وَقُشُورِ الرُّمَّانِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَدْوِيَةِ الطَّاهِرَةِ، وَلَا يَحْصُلُ بِالشَّمْسِ إلَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَلَا بِالتُّرَابِ؛ وَالرَّمَادِ، وَالْمِلْحِ عَلَى الْأَصَحِّ.
وَعَنْ " أَبِي ثَعْلَبَةَ " بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ بَعْدَهَا عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ سَاكِنَةٌ فَلَامٌ مَفْتُوحَةٌ فَمُوَحَّدَةٌ " الْخُشَنِيُّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ فَشِينٌ مُعْجَمَةٌ مَفْتُوحَةٌ فَنُونٌ نِسْبَةٌ إلَى " خُشَيْنِ بْنِ النَّمِرِ " مِنْ قُضَاعَةَ؛ حُذِفَتْ يَاؤُهُ عِنْدَ النِّسْبَةِ؛ وَاسْمُهُ " جُرْهُمٌ " بِضَمِّ الْجِيمِ بَعْدَهَا رَاءٌ سَاكِنَةٌ فَهَاءٌ مَضْمُومَةٌ، " ابْنُ نَاشِبٍ " بِالنُّونِ، وَبَعْدَ الْأَلِفِ شِينٌ مُعْجَمَةٌ آخِرُهُ مُوَحَّدَةٌ، اُشْتُهِرَ بِلَقَبِهِ، بَايَعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْعَةَ الرَّضْوَانِ، وَضُرِبَ لَهُ بِسَهْمٍ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَأَرْسَلَهُ إلَى قَوْمِهِ فَأَسْلَمُوا، نَزَلَ الشَّامَ، وَمَاتَ بِهَا سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. قَالَ: «قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ؟ قَالَ: لَا تَأْكُلُوا إلَّا أَنْ لَا تَجِدُوا غَيْرَهَا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا فِيهَا» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ] بَيْنَ الشَّيْخَيْنِ.
اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى نَجَاسَةِ آنِيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَهَلْ هُوَ لِنَجَاسَةِ رُطُوبَتِهِمْ؛ أَوْ لِجَوَازِ أَكْلِهِمْ الْخِنْزِيرَ وَشُرْبِهِمْ الْخَمْرَ وَلِلْكَرَاهَةِ؟ ذَهَبَ إلَى الْأَوَّلِ الْقَائِلُونَ بِنَجَاسَةِ رُطُوبَةِ الْكُفَّارِ، وَهُمْ الْهَادَوِيَّةُ وَالْقَاسِمِيَّةُ، وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute