٤٧ - وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْصِلُ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ». أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.
مِنْهُ إلَّا مَوْضِعُ الْوُضُوءِ» أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَغَيْرُهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَبِهِ اسْتَدَلَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الذَّاكِرِ وَالنَّاسِي قَائِلًا: إنَّ الْأَوَّلَ فِي حَقِّ الْعَامِدِ، وَهَذَا فِي حَقِّ النَّاسِي، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا الْأَخِيرُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا فَقَدْ عَضَّدَهُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى عَدَمِ الْفَرْضِيَّةِ حَدِيثُ: [تَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَك اللَّهُ] وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَهُوَ الدَّلِيلُ عَلَى تَأْوِيلِ النَّفْيِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ، بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ: لَمْ يَرْوِهِ بِهَذَا اللَّفْظِ، قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ بَعْدَ إخْرَاجِهِ: هَذَا أَيْضًا ضَعِيفٌ، أَبُو بَكْرٍ الدَّاهِرِيُّ - يُرِيدُ أَحَدَ رُوَاتِهِ - أَنَّهُ غَيْرُ ثِقَةٍ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ، وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّ هَذَا مُثْبَتٌ وَدَالٌ عَلَى الْإِيجَابِ فَيُرَجَّحُ، فَفِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ ثُبُوتًا يَقْضِي بِالْإِيجَابِ، بَلْ طُرُقُهُ كَمَا عَرَفْت، وَقَدْ دَلَّ عَلَى السُّنِّيَّةِ حَدِيثُ: [كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ] فَيَتَعَاضَدُ هُوَ وَحَدِيثُ الْبَابِ عَلَى مُطْلَقِ الشَّرْعِيَّةِ وَأَقَلُّهَا النَّدْبِيَّةُ.
وَعَنْ " طَلْحَةَ " هُوَ: أَبُو مُحَمَّدٍ، أَوْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ؛ " طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ " بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَفَاءٍ، " وَطَلْحَةُ " أَحَدُ الْأَعْلَامِ الْأَثْبَاتِ مِنْ التَّابِعِينَ، مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ. عَنْ أَبِيهِ " مُصَرِّفٍ " عَنْ جَدِّهِ " كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو " الْهَمْدَانِيِّ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: ابْنُ عُمَرَ، بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَالْأَشْهَرُ ابْنُ عَمْرٍو، لَهُ صُحْبَةٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُنْكِرُهَا، وَلَا وَجْهَ لِإِنْكَارِ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ: قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْصِلُ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ؛؛ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ. قَالَ النَّوَوِيُّ: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى ضَعْفِهِ، وَلِأَنَّ مُصَرِّفًا وَالِدُ " طَلْحَةَ " مَجْهُولُ الْحَالِ. قَالَ أَبُو دَاوُد: وَسَمِعْت أَحْمَدَ يَقُولُ: زَعَمُوا أَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ كَانَ يُنْكِرُهُ، يَقُولُ: أَيْشٍ هَذَا " طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ " عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى الْفَصْلِ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ، بِأَنْ يُؤْخَذَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَاءٌ جَدِيدٌ. وَقَدْ دَلَّ لَهُ أَيْضًا حَدِيثُ " عَلِيٍّ " - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، " وَعُثْمَانَ ": أَنَّهُمَا أَفْرَدَا الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ، ثُمَّ قَالَا: هَكَذَا رَأَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ؛ أَخْرَجَهُ أَبُو عَلِيِّ بْنُ السَّكَنِ فِي صِحَاحِهِ، وَذَهَبَ إلَى هَذَا جَمَاعَةٌ.
وَذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ إلَى أَنَّ السُّنَّةَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِغَرْفَةٍ، لِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ " عَلِيٍّ " - عَلَيْهِ السَّلَامُ -:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute