للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٣٨١ - عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ - وَأَهْوَى النُّعْمَانُ بِأُصْبُعَيْهِ إلَى أُذُنَيْهِ - «إنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَالْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ، لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ: كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلُحَتْ صَلُحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

وَلَكِنَّ الزَّهَادَةَ فِي الدُّنْيَا أَنْ تَكُونَ بِمَا فِي يَدَيْ اللَّهِ أَوْثَقَ مِنْك بِمَا فِي يَدَيْك وَأَنْ تَكُونَ فِي ثَوَابِ الْمُصِيبَةِ إذَا أَنْتَ أُصِبْت بِهَا أَرْغَبَ مِنْك فِيهَا لَوْ أَنَّهَا بَقِيَتْ لَك» انْتَهَى. فَهَذَا التَّفْسِيرُ النَّبَوِيُّ يُقَدَّمُ عَلَى كُلِّ تَفْسِيرٍ. وَالْوَرَعُ تَجَنُّبُ الشُّبُهَاتِ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي مُحَرَّمٍ وَقِيلَ: تَرْكُ مَا يَرِيبُك، وَنَفْيُ مَا يَعِيبُك، وَقِيلَ: الْأَخْذُ بِالْأَوْثَقِ وَحَمْلُ النَّفْسِ عَلَى الْأَشَقِّ وَقِيلَ النَّظَرُ فِي الْمَطْعَمِ وَاللِّبَاسِ، وَتَرْكُ مَا بِهِ بَأْسٌ، وَقِيلَ: تَجَنُّبُ الشُّبُهَاتِ، وَمُرَاقَبَةُ الْخَطَرَاتِ.

(عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ - وَأَهْوَى النُّعْمَانُ بِأُصْبُعَيْهِ إلَى أُذُنَيْهِ «إنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَالْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ» وَيُرْوَى مُشَبَّهَاتٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ وَمُشْبَهَاتٌ بِضَمِّهَا أَيْضًا وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ «لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدْ اسْتَبْرَأَ» بِالْهَمْزَةِ مِنْ الْبَرَاءَةِ أَيْ حَصَلَ لَهُ الْبَرَاءُ مِنْ الذَّمِّ الشَّرْعِيِّ وَصَانَ عِرْضَهُ مِنْ ذَمِّ النَّاسِ (لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، «وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ» أَيْ يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ وَإِنَّمَا حَذَفَهُ لِدَلَالَةِ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ إذْ لَوْ كَانَ الْوُقُوعُ فِي الشُّبُهَاتِ وُقُوعًا فِي الْحَرَامِ لَكَانَتْ مَنْ قِسْمِ الْحَرَامِ الْبَيِّنِ.

وَقَدْ جَعَلَهَا قِسْمًا بِرَأْسِهِ وَكَمَا يَدُلُّ لَهُ التَّشْبِيهُ بِقَوْلِهِ: «كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلُحَتْ صَلُحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) أَجْمَعَ الْأَئِمَّةُ عَلَى عِظَمِ شَأْنِ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَنَّهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ الَّتِي تَدُورُ عَلَيْهَا قَوَاعِدُ الْإِسْلَامِ قَالَ جَمَاعَةٌ: هُوَ ثُلُثُ الْإِسْلَامِ فَإِنَّ دَوَرَانَهُ عَلَيْهِ وَعَلَى حَدِيثِ «الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَعَلَى حَدِيثِ «مِنْ حُسْنِ إسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» وَقَالَ أَبُو دَاوُد إنَّهُ يَدُورُ عَلَى أَرْبَعَةٍ. هَذِهِ وَرَابِعُهَا حَدِيثُ «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» وَقِيلَ حَدِيثُ «ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّك

<<  <  ج: ص:  >  >>