٨٨٠ - «وَعَنْ عُمَرَ قَالَ: حَمَلْت عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَضَاعَهُ صَاحِبُهُ، فَظَنَنْت أَنَّهُ بَائِعُهُ بِرُخْصٍ. فَسَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ. فَقَالَ: لَا تَبْتَعْهُ، وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ» الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَكُونَ لَهَا حُكْمُ مَا إذَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الشَّرْطِ، وَهِيَ كَمَا لَوْ أَعْمَرَهُ شَهْرًا أَوْ سَنَةً فَإِنَّهَا عَارِيَّةٌ إجْمَاعًا، وَقَوْلُهُ «أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ»، وَقَوْلُهُ (لَا تُرْقِبُوا) مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَالْإِرْشَادِ لَهُمْ إلَى حِفْظِ أَمْوَالِهِمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُعْمِرُونَ وَيُرْقِبُونَ، وَيَرْجِعُ إلَيْهِمْ إذَا مَاتَ مَنْ أَعْمَرُوهُ وَأَرْقَبُوهُ فَجَاءَ الشَّرْعُ بِمُرَاغَمَتِهِمْ، وَصَحَّحَ الْعَقْدَ وَأَبْطَلَ الشَّرْطَ الْمُضَادَّ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ أَشْبَهَ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ، وَقَدْ صَحَّ النَّهْيُ عَنْهُ،.
وَأَخْرَجَ النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْفَعُهُ «الْعُمْرَى لِمَنْ أُعْمِرَهَا، وَالرُّقْبَى لِمَنْ أُرْقِبَهَا، وَالْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ»، وَأَمَّا إذَا صَرَّحَ بِالشَّرْطِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ، وَقَالَ مَا عِشْت فَإِنَّهَا عَارِيَّةٌ مُؤَقَّتَةٌ لَا هِبَةٌ، وَمَرَّ حَدِيثُ «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ»، وَمِثْلُهُ الْحَدِيثُ الْآتِي، وَهُوَ: -
«، وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ حَمَلْت عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَضَاعَهُ صَاحِبُهُ فَظَنَنْت أَنَّهُ بَائِعُهُ بِرُخْصٍ فَسَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَا تَبْتَعْهُ، وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ» الْحَدِيثَ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) تَمَامُهُ «فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ»، وَقَوْلُهُ فَأَضَاعَهُ أَيْ قَصَّرَ فِي مُؤْنَتِهِ، وَحُسْنِ الْقِيَامِ بِهِ، وَقَوْلُهُ لَا تَبْتَعْهُ أَيْ لَا تَشْتَرِيهِ، وَفِي لَفْظٍ «، وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِك» فَسَمَّى الشِّرَاءَ عَوْدًا فِي الصَّدَقَةِ قِيلَ: لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِالْمُسَامَحَةِ فِي ذَلِكَ مِنْ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي فَأَطْلَقَ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي يَقَعُ بِهِ التَّسَامُحُ بِهِ رُجُوعًا، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مُبَالَغَةٌ، وَأَنَّ عَوْدَهَا إلَيْهِ بِالْقِيمَةِ كَالرُّجُوعِ - وَظَاهِرُ النَّهْيِ التَّحْرِيمُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ قَوْمٌ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ إنَّهُ لِلتَّنْزِيهِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ مُحَرَّمٌ، وَأَنَّهُ الْأَقْوَى دَلِيلًا إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ قَالَ الطَّبَرِيُّ يُخَصُّ مِنْ عُمُومِ هَذَا الْحَدِيثِ مَنْ وَهَبَ بِشَرْطِ الثَّوَابِ، وَمَا إذَا كَانَ الْوَاهِبُ الْوَالِدَ لِوَلَدِهِ، وَالْهِبَةُ الَّتِي لَمْ تُقْبَضْ وَاَلَّتِي رَدَّهَا الْمِيرَاثُ إلَى الْوَاهِبِ لِثُبُوتِ الْأَخْبَارِ بِاسْتِثْنَاءِ ذَلِكَ، وَمِمَّا لَا رُجُوعَ فِيهِ مُطْلَقًا الصَّدَقَةُ يُرَادُ بِهَا ثَوَابُ الْآخِرَةِ (قُلْت) هَذَا فِي الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ فَأَمَّا شِرَاؤُهَا، وَهُوَ الَّذِي فِيهِ سِيَاقُ هَذَا الْحَدِيثِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّهْيَ لِلتَّنْزِيهِ، وَإِنَّمَا التَّحْرِيمُ فِي الرُّجُوعِ فِيهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا لِلنَّهْيِ، وَأَصْلُهُ التَّحْرِيمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute