. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
غَيْرَ الْمُرْسَلِ لَيْسَ كَذَلِكَ وَعَنْ طَائِفَةٍ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ كَوْنُهُ مُعَلَّمًا فَيَحِلُّ صَيْدُهُ وَإِنْ لَمْ يُرْسِلْهُ صَاحِبُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ خَرَجَ قَوْلُهُ إذَا أَرْسَلْت مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ. وَحَقِيقَةُ الْمُعَلَّمِ هُوَ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يُغْرَى فَيَقْصِدُ وَيُزْجَرُ فَيَقْعُدُ. وَقِيلَ التَّعْلِيمُ قَبُولُ الْإِرْسَالِ وَالْإِغْرَاءِ حَتَّى يَمْتَثِلَ الزَّجْرَ فِي الِابْتِدَاءِ لَا بَعْدَ الْعَدْوِ وَيَتْرُكُ أَكْلَ مَا أَمْسَكَ، فَالْمُعْتَبَرُ امْتِثَالُهُ لِلزَّجْرِ قَبْلَ الْإِرْسَالِ وَأَمَّا بَعْدَ إرْسَالِهِ عَلَى الصَّيْدِ فَذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ وَالتَّكْلِيبُ إلْهَامٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَمُكْتَسَبٌ بِالْعَقْلِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} قَالَ جَارُ اللَّهِ: مِمَّا عَرَّفَكُمْ أَنْ تَعْلَمُوهُ مِنْ اتِّبَاعِ الصَّيْدِ بِإِرْسَالِ صَاحِبِهِ وَانْزِجَارِهِ بِزَجْرِهِ وَانْصِرَافِهِ بِدُعَائِهِ وَإِمْسَاكِ الصَّيْدِ عَلَيْهِ وَأَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْهُ
(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) فِي قَوْلِهِ: (فَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ) هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} فَإِنَّ ضَمِيرَ عَلَيْهِ يَعُودُ إلَى مَا أَمْسَكْنَ عَلَى مَعْنَى وَسَمُّوا عَلَيْهِ إذَا أَدْرَكْتُمْ ذَكَاتَهُ أَوْ إلَى مَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ أَيْ سَمُّوا عَلَيْهِ عِنْدَ إرْسَالِهِ كَمَا أَفَادَهُ الْكَشَّافُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: «إنْ رَمَيْت فَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ» دَلِيلٌ عَلَى اشْتِرَاطِ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الرَّمْيِ وَظَاهِرُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وُجُوبُ التَّسْمِيَةِ. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ. فَذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ إلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ وَاجِبَةٌ عَلَى الذَّاكِرِ عِنْدَ الْإِرْسَالِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا عِنْدَ الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ فَلَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ وَلَا صَيْدُهُ إذَا تُرِكَتْ عَمْدًا مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} وَبِالْحَدِيثِ هَذَا. قَالُوا: وَقَدْ عُفِيَ عَنْ النَّاسِ بِحَدِيثِ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ» وَلِمَا يَأْتِي مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ «فَإِنْ نَسِيَ أَنْ يُسَمِّيَ حِينَ يَذْبَحُ فَلْيُسَمِّ ثُمَّ لِيَأْكُلَ» وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ مِنْهُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمَالِكٌ وَرِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} قَالُوا فَأَبَاحَ التَّذْكِيَةَ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ التَّسْمِيَةِ. وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} وَهُمْ لَا يُسَمُّونَ. وَلِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْآتِي «إنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ قَوْمًا يَأْتُونَنَا بِلَحْمٍ لَا نَدْرِي أَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا أَفَنَأْكُلُ مِنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: سَمُّوا عَلَيْهِ أَنْتُمْ وَكُلُوا» وَأَجَابُوا عَنْ أَدِلَّةِ الْإِيجَابِ بِأَنَّ قَوْلَهُ: (وَلَا تَأْكُلُوا) الْمُرَادُ بِهِ مَا ذُبِحَ لِلْأَصْنَامِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} - {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ مَنْ أَكَلَ مَتْرُوكَ التَّسْمِيَةِ عَلَيْهِ فَلَيْسَ بِفَاسِقٍ فَوَجَبَ حَمْلُهَا عَلَى مَا ذُكِرَ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآيَاتِ السَّابِقَةِ، وَحَدِيثُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute