٦٠٩ - وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -». ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا، وَوَصَلَهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ.
كَالنَّفْلِ الْمُطْلَقِ وَالنَّذْرِ وَنَحْوِهِ (قُلْت) وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ بَعْدَ هَذَا التَّقْيِيدِ يَلْزَمُ مِنْهُ جَوَازُ تَقَدُّمِ رَمَضَانَ بِأَيِّ صَوْمٍ كَانَ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ النَّهْيِ فَإِنَّهُ عَامٌّ لَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُ إلَّا الصَّوْمَ مَنْ اعْتَادَ صَوْمَ أَيَّامٍ مَعْلُومَةٍ، وَوَافَقَ ذَلِكَ آخِرَ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ وَلَوْ أَرَادَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّوْمَ الْمُقَيَّدَ بِمَا ذَكَرَ لَقَالَ: إلَّا مُتَنَفِّلًا أَوْ نَحْوَ هَذَا اللَّفْظِ.
وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ تَقَدُّمِ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ قَدْ عَلَّقَ الدُّخُولَ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ بِرُؤْيَةِ هِلَالِهِ فَالْمُتَقَدِّمُ عَلَيْهِ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ أَمْرًا وَنَهْيًا. وَفِيهِ إبْطَالٌ لِمَا يَفْعَلُهُ الْبَاطِنِيَّةُ مِنْ تَقَدُّمِ الصَّوْمِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ قَبْلَ رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ وَزَعْمِهِمْ أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ». فِي مَعْنَى مُسْتَقْبِلِينَ لَهَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ يُفِيدُ أَنَّ اللَّامَ لَا يَصِحُّ حَمْلُهَا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَإِنْ وَرَدَتْ لَهُ فِي مَوَاضِعَ وَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الصَّوْمِ مِنْ بَعْدِ النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِنْ يَوْمِ سَادِسَ عَشَرَ مِنْ شَعْبَانَ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا تَصُومُوا» أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَغَيْرُهُمْ وَقِيلَ: إنَّهُ يُكْرَهُ بَعْدَ الِانْتِصَافِ وَيَحْرُمُ قَبْلَ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَقَالَ آخَرُونَ: يَجُوزُ مِنْ بَعْدِ انْتِصَافِهِ وَيَحْرُمُ قَبْلَهُ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَمَّا جَوَازُ الْأَوَّلِ فَلِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ضَعِيفٌ، قَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ: إنَّهُ مُنْكَرٌ وَأَمَّا تَحْرِيمُ الثَّانِي فَلِحَدِيثِ الْكِتَابِ وَهُوَ قَوْلٌ حَسَنٌ.
(وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يُشَكُّ) مُغَيَّرُ الصِّيغَةِ مُسْنَدٌ إلَى (فِيهِ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ. ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا وَوَصَلَهُ) إلَى عَمَّارٍ وَزَادَ الْمُصَنِّفُ فِي الْفَتْحِ الْحَاكِمَ وَأَنَّهُمْ وَصَلُوهُ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَلَفْظُهُ عِنْدَهُمْ «كُنَّا عِنْدَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فَأُتِيَ بِشَاةٍ مَصْلِيَّةٍ فَقَالَ: كُلُوا فَتَنَحَّى بَعْضُ الْقَوْمِ فَقَالَ: إنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ عَمَّارٌ: مَنْ صَامَ إلَخْ» (الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ مُسْنَدٌ عِنْدَهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ. انْتَهَى وَهُوَ مَوْقُوفٌ لَفْظًا مَرْفُوعٌ حُكْمًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute