٨٥٤ - وَعَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «سَأَلْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ. إنَّمَا كَانَ النَّاسُ يُؤَاجِرُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمَاذِيَانَاتِ، وَأَقْبَالِ الْجَدَاوِلِ، وَأَشْيَاءَ مِنْ الزَّرْعِ، فَيَهْلِكُ هَذَا وَيَسْلَمُ هَذَا، وَيَسْلَمُ هَذَا وَيَهْلِكُ هَذَا، وَلَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ كِرَاءٌ إلَّا هَذَا، فَلِذَلِكَ زَجَرَ عَنْهُ، فَأَمَّا شَيْءٌ مَعْلُومٌ مَضْمُونٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِيهِ بَيَانٌ لِمَا أُجْمِلَ فِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ إطْلَاقِ النَّهْيِ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ
الصَّحِيحَ هُوَ الْمُوَافِقُ لِهَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ انْتَهَى. وَقَدْ أَشَارَ فِي كَلَامِهِ إلَى مَا يَذْهَبُ إلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْهَادَوِيَّةُ مِنْ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ وَالْمُزَارَعَةَ لَا تَصِحُّ وَهِيَ فَاسِدَةٌ، وَتَأَوَّلُوا هَذَا الْحَدِيثَ بِأَنَّ خَيْبَرَ فُتِحَتْ عَنْوَةً فَكَانَ أَهْلُهُ عَبِيدًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَا أَخَذَهُ فَهُوَ لَهُ وَمَا تَرَكَهُ فَهُوَ لَهُ، وَهُوَ كَلَامٌ مَرْدُودٌ لَا يَحْسُنُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ.
(وَعَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) هُوَ الزُّرَقِيُّ الْأَنْصَارِيُّ مِنْ ثِقَاتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ (قَالَ: «سَأَلْت رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ إنَّمَا كَانَ النَّاسُ يُؤَاجِرُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمَاذِيَانَاتِ» بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ ثُمَّ أَلِفٍ وَنُونٍ ثُمَّ أَلِفٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ هِيَ مَسَايِلُ الْمِيَاهِ وَقِيلَ مَا يَنْبُتُ حَوْلَ السَّوَاقِي (وَأَقْبَالُ الْجَدَاوِلِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ فَقَافٍ فَمُوَحَّدَةٍ أَوَائِلُ الْجَدَاوِلِ «وَأَشْيَاءَ مِنْ الزَّرْعِ فَيَهْلِكُ هَذَا وَيَسْلَمُ هَذَا وَيَسْلَمُ هَذَا وَيَهْلِكُ هَذَا، وَلَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ كِرَاءٌ إلَّا هَذَا، فَلِذَلِكَ زَجَرَ عَنْهُ فَأَمَّا شَيْءٌ مَعْلُومٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِيهِ بَيَانٌ لِمَا أُجْمِلَ فِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ إطْلَاقِ النَّهْيِ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ) مَضْمُونُ الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَيُقَاسُ عَلَيْهِمَا غَيْرُهُمَا مِنْ سَائِرِ الْأَشْيَاءِ الْمُتَقَوِّمَةِ وَيَجُوزُ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثُلُثٍ أَوْ رُبْعٍ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ، وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَدْ عَلِمْت «أَنَّ الْأَرْضَ كَانَتْ تُكْرَى عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا عَلَى الْأَرْبِعَاءِ وَشَيْءٌ مِنْ التِّبْنِ لَا أَدْرِي مَا هُوَ». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَخْرَجَ أَيْضًا ابْنُ عُمَرَ «كَانَ يُعْطِي أَرْضَهُ بِالثُّلُثِ وَالرُّبْعِ ثُمَّ تَرَكَهُ» وَيَأْتِي مَا يُعَارِضُهُ، وَقَوْلُهُ عَلَى الْأَرْبِعَاءِ جَمْعُ رَبِيعٍ وَهِيَ السَّاقِيَةُ الصَّغِيرَةُ، وَمَعْنَاهُ هُوَ وَحَدِيثُ الْبَابِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَدْفَعُونَ الْأَرْضَ إلَى مِنْ يَزْرَعُهَا بِبَذْرٍ مِنْ عِنْدِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِمَالِكِ الْأَرْضِ مَا يَنْبُتُ عَلَى مَسَايِلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute