١٤٠٠ - وَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
مُرْسَلًا وَكُلُّ طُرُقِهِ ضَعِيفَةٌ وَبَعْضُهَا يُقَوِّي بَعْضًا وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهَا أَصْلًا، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَخُوك الْبِكْرِيُّ وَلَا تَأْمَنْهُ» أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ عُمَرَ وَأَبُو دَاوُد عَنْ عَمْرِو بْنِ الْفَعْوَاءِ، وَقَدْ قَسَّمَ الزَّمَخْشَرِيُّ الظَّنَّ إلَى وَاجِبٍ، وَمَنْدُوبٍ وَحَرَامٍ وَمُبَاحٍ فَالْوَاجِبُ حُسْنُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ، وَالْحَرَامُ سُوءُ الظَّنِّ بِهِ تَعَالَى وَبِكُلِّ مَنْ ظَاهِرُهُ الْعَدَالَةُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ» الْحَدِيثَ، وَالْمَنْدُوبُ حُسْنُ الظَّنِّ بِمَنْ ظَاهِرُهُ الْعَدَالَةُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَالْجَائِزُ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ لِعَائِشَةَ إنَّمَا هُمَا أَخَوَاك أَوْ أُخْتَاك لِمَا وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّ الَّذِي فِي بَطْنِ امْرَأَتِهِ اثْنَانِ. وَمِنْ ذَلِكَ سُوءُ الظَّنِّ بِمَنْ اُشْتُهِرَ بَيْنَ النَّاسِ بِمُخَالَطَةِ الرِّيَبِ، وَالْمُجَاهِرَةِ بِالْخَبَائِثِ فَلَا يَحْرُمُ سُوءُ الظَّنِّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ دَلَّ عَلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ سَتَرَ عَلَى نَفْسِهِ لَمْ يُظَنَّ بِهِ إلَّا خَيْرًا وَمَنْ دَخَلَ فِي مَدَاخِلِ السُّوءِ اُتُّهِمَ، وَمَنْ هَتَكَ نَفْسَهُ ظَنَنَّا بِهِ السُّوءَ، وَاَلَّذِي يُمَيِّزُ الظُّنُونَ الَّتِي يَجِبُ اجْتِنَابُهَا عَمَّا سِوَاهَا أَنَّ كُلَّ مَا لَا تُعْرَفُ لَهُ أَمَارَةُ صَحِيحَةُ وَسَبَبٌ ظَاهِرٌ كَانَ حَرَامًا وَاجِبَ الِاجْتِنَابِ، وَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَظْنُونُ بِهِ مِمَّنْ شُوهِدَ مِنْهُ السَّتْرُ وَالصَّلَاحُ، وَمَنْ عُرِفَتْ مِنْهُ الْأَمَانَةُ فِي الظَّاهِرِ فَظَنُّ الْفَسَادِ، وَالْخِيَانَةِ بِهِ مُحَرَّمٌ بِخِلَافِ مِنْ اُشْتُهِرَ بَيْنَ النَّاسِ بِتَعَاطِي الرِّيَبِ فَنُقَابِلُهُ بِعَكْسِ ذَلِكَ. ذَكَرَ مَعْنَاهُ فِي الْكَشَّافِ. وَقَوْلُهُ «، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ» سَمَّاهَا حَدِيثًا؛ لِأَنَّهُ حَدِيثُ النَّفْسِ، وَإِنَّمَا كَانَ الظَّنُّ أَكْذَبَ الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ الْكَذِبَ مُخَالَفَةُ الْوَاقِعِ مِنْ غَيْرِ اسْتِنَادٍ إلَى أَمَارَةٍ، وَقُبْحُهُ ظَاهِرٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى إظْهَارِهِ.
وَأَمَّا الظَّنُّ فَيَزْعُمُ صَاحِبُهُ أَنَّهُ اسْتَنَدَ إلَى شَيْءٍ فَيَخْفَى عَلَى السَّامِعِ كَوْنُهُ كَاذِبًا بِحَسَبِ الْغَالِبِ فَكَانَ أَكْذَبَ الْحَدِيثِ.
(وَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ مِنْ رِوَايَةٍ حَسَنٌ، وَفِيهِ قِصَّةٌ وَهِيَ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ عَادَ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَكَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَامِلًا عَلَى الْبَصْرَةِ فِي إمَارَةِ مُعَاوِيَةَ وَوَلَدِهِ يَزِيدَ. أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: قَدِمَ إلَيْنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute