٣٨١ - وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ - تَعَالَى - فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا - وَفِي رِوَايَةٍ: سِنًّا - وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ
فِي زَمَنِ الْوَحْيِ، وَلَا يُقَرَّرُ فِيهِ عَلَى فِعْلِ مَا لَا يَجُوزُ سِيَّمَا فِي الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ نُبِّهَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْوَحْيِ عَلَى الْقَذَى الَّذِي كَانَ فِي نَعْلِهِ فَلَوْ كَانَ إمَامَةُ الصَّبِيِّ لَا تَصِحُّ لَنَزَلَ الْوَحْيُ بِذَلِكَ.
وَقَدْ اسْتَدَلَّ أَبُو سَعِيدٍ وَجَابِرٌ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْزِلُونَ وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ وَالْوَفْدُ الَّذِينَ قَدَّمُوا عَمْرًا كَانُوا جَمَاعَةً مِنْ الصَّحَابَةِ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَلَا نَعْلَمُ لَهُمْ مُخَالِفًا فِي ذَلِكَ، وَاحْتِمَالُ أَنَّهُ أَمَّهُمْ فِي نَافِلَةٍ يُبْعِدُهُ سِيَاقُ الْقِصَّةِ فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّمَهُمْ الْأَوْقَاتِ لِلْفَرَائِضِ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ «إنَّهُ يَؤُمُّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا».
وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ قَالَ عَمْرٌو فَمَا شَهِدْت مَشْهَدًا فِي جِرْمَ (اسْمُ قَبِيلَةٍ) إلَّا كُنْت إمَامَهُمْ، وَهَذَا يَعُمُّ الْفَرَائِضَ وَالنَّوَافِلَ (قُلْت) وَيَحْتَاجُ مَنْ ادَّعَى التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ، وَأَنَّهُ تَصِحُّ إمَامَةُ الصَّبِيِّ فِي هَذَا دُونَ ذَلِكَ إلَى دَلِيلٍ.
ثُمَّ الْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ صَلَاةِ الْمُفْتَرِضِ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ كَذَا فِي الشَّرْحِ، وَفِيهِ تَأَمُّلٌ.
. وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ» الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَكْثَرُهُمْ لَهُ حِفْظًا، وَقِيلَ: أَعْلَمُهُمْ بِأَحْكَامِهِ، وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ يُنَاسِبُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ «فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا» أَيْ إسْلَامًا، (وَفِي رِوَايَةٍ سِنًّا) عِوَضًا عَنْ سِلْمًا «، وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ» بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ: الْفِرَاشُ وَنَحْوُهُ مِمَّا يُبْسَطُ لِصَاحِبِ الْمَنْزِلِ وَيَخْتَصُّ بِهِ (إلَّا بِإِذْنِهِ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ) الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَقْرَأِ عَلَى الْأَفْقَهِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ.
وَذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ إلَى أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْأَفْقَهُ عَلَى الْأَقْرَأِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْقِرَاءَةِ مَضْبُوطٌ وَاَلَّذِي يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْفِقْهِ غَيْرُ مَضْبُوطٍ، وَقَدْ يَعْرِضُ فِي الصَّلَاةِ أُمُورٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى مُرَاعَاتِهَا إلَّا كَامِلُ الْفِقْهِ قَالُوا: وَلِهَذَا قَدَّمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ عَلَى غَيْرِهِ مَعَ قَوْلِهِ أَقْرَؤُكُمْ أُبَيٌّ قَالُوا: وَالْحَدِيثُ خَرَجَ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute