. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْأَمَةِ وَالْعَبْدِ، فَخُصَّتْ مِنْهُ الْأَمَةُ وَبَقِيَ مَا عَدَاهَا دَاخِلًا تَحْتَ الْحُكْمِ.
وَاسْتَدَلَّ الْهَادَوِيَّةُ بِمَا ذَكَرَهُ الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ مِنْ قَوْلِهِ.
قُلْت: التَّغْرِيبُ عُقُوبَةٌ لَا حَدٌّ لِقَوْلِ عَلِيٍّ " جَلْدُ مِائَةٍ وَحَبْسُ سَنَةٍ " وَلِنَفْيِ عُمَرَ فِي الْخَمْرِ وَلَمْ يُنْكِرْ ثُمَّ قَالَ: لَا أَنْفِي بَعْدَهَا أَحَدًا وَالْحُدُودُ لَا تَسْقُطُ. انْتَهَى.
وَلَا يَخْفَى ضَعْفُ مَا قَالَهُ. أَمَّا كَلَامُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّهُ مُؤَيِّدٌ لِمَا قَالَهُ الْجَمَاهِيرُ فَإِنَّهُ جَعَلَ الْحَبْسَ عِوَضًا عَنْ التَّغْرِيبِ فَهُوَ نَوْعٌ مِنْهُ؛ وَأَمَّا نَفْيُ عُمَرَ فِي الْخَمْرِ فَاجْتِهَادٌ مِنْهُ زِيَادَةً فِي الْعُقُوبَةِ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ لَا يَنْفِي حَدًّا بِاجْتِهَادِهِ وَالنَّفْيُ فِي الزِّنَى بِالنَّصِّ، وَيُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
وَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ: إنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُغَرَّبُ، قَالُوا: لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ وَفِي نَفْيِهَا تَضْيِيعٌ لَهَا وَتَعْرِيضٌ لِلْفِتْنَةِ، وَلِهَذَا نُهِيَتْ عَنْ السَّفَرِ مَعَ غَيْرِ مَحْرَمٍ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَرُدُّ مَا ذُكِرَ، لِأَنَّهُ قَدْ شَرَطَ مَنْ قَالَ بِالتَّغْرِيبِ أَنْ تَكُونَ مَعَ مَحْرَمِهَا وَأُجْرَتُهُ مِنْهَا إذَا وَجَبَتْ بِجِنَايَتِهَا؛ وَقِيلَ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَأُجْرَةِ الْجَلَّادِ، وَأَمَّا الرَّقِيقُ فَإِنَّهُ ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا إلَى أَنَّهُ لَا يُنْفَى، قَالُوا: لِأَنَّ نَفْيَهُ عُقُوبَةٌ لِمَالِكِهِ لِمَنْعِهِ نَفْعَهُ مُدَّةَ غُرْبَتِهِ وَقَوَاعِدُ الشَّرْعِ قَاضِيَةٌ أَنْ لَا يُعَاقِبَ إلَّا الْجَانِي وَمِنْ ثَمَّةَ سَقَطَ فَرْضُ الْجِهَادِ وَالْحَجِّ عَنْ الْمَمْلُوكِ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَدَاوُد: يُنْفَى لِعُمُومِ أَدِلَّةِ التَّغْرِيبِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} وَيُنْصِفُ فِي حَقِّ الْمَمْلُوكِ لِعُمُومِ الْآيَةِ.
وَأَمَّا مَسَافَةُ التَّغْرِيبِ فَقَالُوا: أَقَلُّهَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ لِتَحْصِيلِ الْغُرْبَةِ، وَغَرَّبَ عُمَرُ مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى الشَّامِ، وَغَرَّبَ عُثْمَانُ إلَى مِصْرَ وَمَنْ كَانَ غَرِيبًا لَا وَطَنَ لَهُ غُرِّبَ إلَى غَيْرِ الْبَلَدِ الَّتِي وَاقَعَ فِيهَا الْمَعْصِيَةَ ".
" الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ " فِي قَوْلِهِ: «وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ» وَالْمُرَادُ بِالثَّيِّبِ مَنْ قَدْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَهُوَ حُرٌّ بَالِغٌ عَاقِلٌ وَالْمَرْأَةُ مِثْلُهُ، وَهَذَا الْحُكْمُ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ، وَالْحُكْمُ هُوَ مَا دَلَّ لَهُ قَوْلُهُ: " جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ " فَإِنَّهُ أَفَادَ أَنَّهُ يُجْمَعُ لِلثَّيِّبِ الْجَلْدُ وَالرَّجْمُ، وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ كَمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ " أَنَّهُ جَلَدَ شُرَاحَةَ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَرَجَمَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَقَالَ: جَلَدْتهَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَرَجَمْتهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " قَالَ الشَّعْبِيُّ: قِيلَ لِعَلِيٍّ: جَمَعْت بَيْنَ حَدَّيْنِ فَأَجَابَ بِمَا ذُكِرَ.
قَالَ الْحَازِمِيُّ: وَذَهَبَ إلَى هَذَا أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُد وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْهَادَوِيَّةِ، وَذَهَبَ غَيْرُهُمْ إلَى أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالرَّجْمِ قَالُوا: وَحَدِيثُ عُبَادَةَ مَنْسُوخٌ بِقِصَّةِ «مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ وَالْيَهُودِيَّةِ، فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجَمَهُمْ وَلَمْ يَرْوِ أَنَّهُ جَلَدَهُمْ»؛ قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَدَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى أَنَّ الْجَلْدَ ثَابِتٌ عَلَى الْبِكْرِ سَاقِطٌ عَنْ الثَّيِّبِ؛ قَالُوا: وَحَدِيثُ عُبَادَةَ مُتَقَدِّمٌ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ عَلَى تَقْدِيرِ تَأَخُّرِهَا تَصْرِيحٌ بِسُقُوطِ الْجَلْدِ عَنْ الْمَرْجُومِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ تَرْكُ رِوَايَتِهِ لِوُضُوحِهِ وَلِكَوْنِهِ الْأَصْلَ.
وَقَدْ احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِنَظِيرِ هَذَا حِينَ عُورِضَ فِي إيجَابِ الْعُمْرَةِ «بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ مَنْ سَأَلَهُ أَنْ يَحُجَّ عَنْ أَبِيهِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْعُمْرَةَ»؛ فَأَجَابَ