١٠٧٥ - «وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ - فِي الرَّجُلِ لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ - قَالَ: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْهُ قَالَ: قُلْت لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: سُنَّةٌ؟ فَقَالَ: سُنَّةٌ»، وَهَذَا مُرْسَلٌ قَوِيٌّ
يَظْهَرُ بَلْ وَيَتَعَيَّنُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمَّا قَالَ لَهُمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَالُوا: هَذَا شَيْءٌ تَقُولُهُ عَنْ رَأْيِك أَوْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجَابَ بِقَوْلِهِ مِنْ كِيسِي جَوَابَ الْمُتَهَكِّمِ بِهِمْ لَا مُخْبِرًا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَيْف يَصِحُّ حَمْلُ قَوْلِهِ مِنْ كِيسِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْحَقِيقَةَ، وَقَدْ قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيُنْسَبُ اسْتِنْبَاطُهُ إلَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَلْ هَذَا إلَّا كَذِبٌ مِنْهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَاشَا أَبَا هُرَيْرَةَ مِنْ ذَلِكَ، فَهُوَ مِنْ رُوَاةِ حَدِيثِ «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» فَالْقَرَائِنُ وَاضِحَةٌ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَبُو هُرَيْرَةَ إلَّا التَّهَكُّمَ بِالسَّائِلِ وَلِذَا قُلْنَا إنَّهُ يَتَعَيَّنُ أَنَّ هَذَا مُرَادُهُ. وَاَلَّذِي أَتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ الرِّوَايَةِ بَعْضُ حَدِيثِهِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ فَسَّرَ قَوْلَهُ مِنْ كِيسِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْ مِنْ حِفْظِهِ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْكِيسِ إشَارَةً إلَى مَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّهُ بَسَطَ ثَوْبَهُ، أَوْ نَمِرَةً كَانَتْ عَلَيْهِ فَأَمْلَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدِيثًا كَثِيرًا ثُمَّ لَفَّهُ فَلَمْ يَنْسَ مِنْهُ شَيْئًا كَأَنَّهُ يَقُولُ: ذَلِكَ الثَّوْبُ صَارَ كِيسًا وَأَشَرْنَا لَك إلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ الْمُصَنِّفُ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ تَامًّا وَتَمَامُهُ فِي الْبُخَارِيِّ " وَيَقُولُ الْعَبْدُ أَطْعِمْنِي وَاسْتَعْمِلْنِي ". وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ «وَيَقُولُ خَادِمُك أَطْعِمْنِي وَإِلَّا بِعْنِي وَيَقُولُ الِابْنُ إلَى مَنْ تَدَعُنِي» وَالْكُلُّ دَلِيلُ وُجُوبِ الْإِنْفَاقِ عَلَى مَنْ ذُكِرَ مِنْ الزَّوْجَةِ وَالْمَمْلُوكِ وَالْوَلَدِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ وَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ نَفَقَةُ الْعَبْدِ وَإِلَّا وَجَبَ بَيْعُهُ. وَإِيجَابُ نَفَقَةِ الْوَلَدِ عَلَى أَبِيهِ، وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ اُخْتُلِفَ فِي نَفَقَةِ مَنْ بَلَغَ مِنْ الْأَوْلَادِ، وَلَا مَالَ لَهُ، وَلَا كَسْبَ فَأَوْجَبَ طَائِفَةٌ النَّفَقَةَ لِجَمِيعِ الْأَوْلَادِ أَطْفَالًا كَانُوا أَوْ بَالِغِينَ، إنَاثًا أَوْ ذُكْرَانًا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَمْوَالٌ يَسْتَغْنُونَ بِهَا عَنْ الْآبَاءِ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ الْوَاجِبَ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِمْ إلَى أَنْ يَبْلُغَ الذَّكَرُ وَتَتَزَوَّجَ الْأُنْثَى ثُمَّ لَا نَفَقَةَ عَلَى الْأَبِ إلَّا إذَا كَانُوا زَمْنَى، فَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ أَمْوَالٌ، فَلَا وُجُوبَ عَلَى الْأَبِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ لِلزَّوْجَةِ إذَا عَسِرَ زَوْجُهَا بِنَفَقَتِهَا طَلَبَ الْفِرَاقِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ:
(وَعَنْ «سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الرَّجُلِ لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ قَالَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا». أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قُلْت لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ سُنَّةٌ؟ قَالَ سُنَّةٌ، وَهَذَا مُرْسَلٌ قَوِيٌّ) وَمَرَاسِيلُ سَعِيدٍ مَعْمُولٌ بِهَا لِمَا عُرِفَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُرْسِلُ إلَّا عَنْ ثِقَةٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَاَلَّذِي يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ سَعِيدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute