٢ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» أَخْرَجَهُ الثَّلَاثَةُ وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ.
مِنْ مَحَاسِنِ الْفَتْوَى، أَنْ يُجَاءَ فِي الْجَوَابِ بِأَكْثَرَ مِمَّا سُئِلَ عَنْهُ تَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ، وَإِفَادَةً لِعِلْمِ غَيْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ؛ وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ عِنْدَ ظُهُورِ الْحَاجَةِ إلَى الْحُكْمِ كَمَا هُنَا؛ لِأَنَّ مَنْ تَوَقَّفَ فِي طَهُورِيَّةِ مَاءِ الْبَحْرِ فَهُوَ عَنْ الْعِلْمِ بِحِلِّ مَيْتَتِهِ مَعَ تَقَدُّمِ تَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ أَشَدُّ تَوَقُّفًا، ثُمَّ الْمُرَادُ مَا مَاتَ فِيهِ مِنْ دَوَابِّهِ مِمَّا لَا يَعِيشُ إلَّا فِيهِ، لَا مَا مَاتَ فِيهِ مُطْلَقًا، فَإِنَّهُ وَإِنْ صَدَقَ عَلَيْهِ لُغَةً أَنَّهُ مَيْتَةُ بَحْرٍ فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُرَادُ إلَّا مَا ذَكَرْنَاهُ، وَظَاهِرُهُ حِلُّ كُلِّ مَا مَاتَ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ كَالْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ؛ وَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ فِي بَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اسْمُهُ " سَعْدُ بْنُ سِنَانٍ الْخَزْرَجِيُّ الْأَنْصَارِيُّ الْخُدْرِيُّ: بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَدَالٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ، نِسْبَةً إلَى " خُدْرَةَ " حَيٌّ مِنْ الْأَنْصَارِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ. قَالَ الذَّهَبِيُّ: كَانَ مِنْ عُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ وَمِمَّنْ شَهِدَ بَيْعَةَ الشَّجَرَةِ، رَوَى حَدِيثًا كَثِيرًا وَأَفْتَى مُدَّةً، عَاشَ " أَبُو سَعِيدٍ " سِتًّا وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَمَاتَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ، وَحَدِيثُهُ كَثِيرٌ، وَحَدَّثَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَرْبَعَةٌ وَثَمَانُونَ حَدِيثًا. [قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» أَخْرَجَهُ الثَّلَاثَةُ؛ هُمْ أَصْحَابُ السُّنَنِ مَا عَدَا ابْنَ مَاجَهْ كَمَا عَرَفْت، وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ، قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَرِ السُّنَنِ: إنَّهُ تَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُهُمْ، لَكِنْ قَالَ: حُكِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: حَدِيثُ بِئْرِ بُضَاعَةَ صَحِيحٌ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَقَدْ جَوَّدَ أَبُو أُسَامَةَ هَذَا الْحَدِيثَ، وَلَمْ يَرْوِ حَدِيثَ " أَبِي سَعِيدٍ " فِي بِئْرِ بُضَاعَةَ بِأَحْسَنَ مِمَّا رَوَى أَبُو أُسَامَةَ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ " أَبِي سَعِيدٍ "، وَالْحَدِيثُ لَهُ سَبَبٌ وَهُوَ أَنَّهُ «قِيلَ لِرَسُولِ لِلَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَهِيَ بِئْرٌ يُطْرَحُ فِيهِ الْحَيْضُ وَلَحْمُ الْكِلَابِ وَالنَّتْنُ فَقَالَ: الْمَاءُ طَهُورٌ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute