١٠٩١ - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: «أَنَّ جَارِيَةً وُجِدَ رَأْسُهَا قَدْ رُضَّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَسَأَلُوهَا: مَنْ صَنَعَ بِك هَذَا: فُلَانٌ، فُلَانٌ حَتَّى ذَكَرُوا يَهُودِيًّا فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا فَأُخِذَ الْيَهُودِيُّ فَأَقَرَّ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُرَضَّ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
(وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ جَارِيَةً وُجِدَ رَأْسُهَا قَدْ رُضَّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ فَسَأَلُوهَا مَنْ صَنَعَ بِك هَذَا فُلَانٌ فُلَانٌ حَتَّى ذَكَرُوا يَهُودِيًّا فَأَوْمَتْ بِرَأْسِهَا، فَأُخِذَ الْيَهُودِيُّ فَأَقَرَّ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُرَضَّ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ).
الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ بِالْمِثْقَلِ كَالْمُحَدَّدِ، وَأَنَّهُ يُقْتَلُ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ، وَأَنَّهُ يُقْتَلُ بِمَا قُتِلَ بِهِ، فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ:
(الْأُولَى) وُجُوبُ الْقِصَاصِ بِالْمُثَقِّلِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْهَادَوِيَّةُ وَالشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَمَلًا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَالْمَعْنَى الْمُنَاسِبُ ظَاهِرٌ قَوِيٌّ، وَهُوَ صِيَانَةُ الدِّمَاءِ مِنْ الْإِهْدَارِ وَلِأَنَّ الْقَتْلَ بِالْمِثْقَلِ كَالْقَتْلِ بِالْمُحَدَّدِ فِي إزْهَاقِ الرُّوحِ. وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ إلَى أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِي الْقَتْلِ بِالْمِثْقَلِ وَاحْتَجُّوا بِمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ مَرْفُوعًا «كُلُّ شَيْءٍ خَطَأٌ إلَّا السَّيْفَ وَلِكُلِّ خَطَأٍ أَرْشٌ». وَفِي لَفْظٍ «كُلُّ شَيْءٍ سِوَى الْحَدِيدَةِ خَطَأٌ وَلِكُلِّ خَطَأٍ أَرْشٌ» وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحَدِيثَ مَدَارُهُ عَلَى جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ وَقَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَلَا يُحْتَجُّ بِهِمَا، فَلَا يُقَاوِمُ حَدِيثَ أَنَسٍ هَذَا وَجَوَابُ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بِأَنَّهُ حَصَلَ فِي الرَّضِّ الْجُرْحُ، أَوْ بِأَنَّ الْيَهُودِيَّ كَانَ عَادَتُهُ قَتْلَ الصِّبْيَانِ، فَهُوَ مِنْ السَّاعِينَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا تَكَلُّفٌ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الْقَتْلُ بِآلَةٍ لَا يُقْصَدُ بِمِثْلِهَا الْقَتْلُ غَالِبًا كَالْعَصَا وَالسَّوْطِ وَاللَّطْمَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَعِنْدَ الْهَادَوِيَّةِ وَاللَّيْثِ وَمَالِكٍ يَجِبُ الْقَوَدُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ لَا قِصَاصَ فِيهِ، وَهُوَ شِبْهُ الْعَمْدِ. وَفِيهِ الدِّيَةُ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ مُغَلَّظَةٌ فِيهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَهْلُ السُّنَنِ إلَّا التِّرْمِذِيَّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَلَا، وَإِنَّ فِي قَتْلِ الْخَطَإِ شِبْهِ الْعَمْدِ مَا كَانَ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ فِيهَا أَرْبَعُونَ فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا» قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي الْإِرْشَادِ فِي إسْنَادِهِ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَسْطِهِ.
قُلْت إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ، فَقَدْ اتَّضَحَ الْوَجْهُ وَإِلَّا فَالْأَصْلُ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْآلَةِ فِي إزْهَاقِ الرُّوحِ بَلْ مَا أَزْهَقَ الرُّوحَ أَوْجَبَ الْقِصَاصَ.
(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) قَتْلُ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ، وَفِيهِ خِلَافٌ: ذَهَبَ إلَى قَتْلِهِ بِهَا أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ الرَّجُلُ بِالْأُنْثَى وَكَأَنَّهُ يَسْتَدِلُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى} وَرُدَّ بِأَنَّهُ ثَبَتَ إلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute