٩٨٢ - وَعَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «أَوْلَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ»، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ
الْيَوْمِ الثَّانِي سُنَّةٌ أَيْ طَرِيقَةٌ مُسْتَمِرَّةٌ يَعْتَادُ النَّاسُ فِعْلَهَا لَا يَدْخُلُ صَاحِبَهَا الرِّيَاءُ وَالتَّسْمِيعُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ فَيَكُونُ فِعْلُهَا حَرَامًا، وَالْإِجَابَةُ إلَيْهَا كَذَلِكَ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ قَالَ النَّوَوِيُّ إذَا أَوْلَمَ ثَلَاثًا فَالْإِجَابَةُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مَكْرُوهَةٌ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّانِي لَا تَجِبُ مُطْلَقًا، وَلَا يَكُونُ اسْتِحْبَابُهَا فِيهِ كَاسْتِحْبَابِهَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إلَى أَنَّهَا لَا تُكْرَهُ فِي الثَّالِثِ لِغَيْرِ الْمَدْعُوِّ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَدْعُوُّونَ كَثِيرِينَ، وَيَشُقُّ جَمْعُهُمْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَدَعَا فِي كُلِّ يَوْمٍ فَرِيقًا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ رِيَاءٌ، وَلَا سُمْعَةٌ، وَهَذَا قَرِيبٌ، وَجَنَحَ الْبُخَارِيِّ إلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالضِّيَافَةِ، وَلَوْ إلَى سَبْعَةِ أَيَّامٍ حَيْثُ قَالَ بَابُ حَقِّ إجَابَةِ الْوَلِيمَةِ وَالدَّعْوَةِ، وَمَنْ أَوْلَمَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَنَحْوَهُ، وَلَمْ يُوَقِّتْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمًا وَلَا يَوْمَيْنِ، وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ قَالَتْ لَمَّا تَزَوَّجَ أَبِي دَعَا الصَّحَابَةَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَفِي رِوَايَةٍ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ، وَإِلَيْهَا أَشَارَ الْبُخَارِيُّ بِقَوْلِهِ أَوْ نَحْوَهُ، وَفِي قَوْلِهِ، وَلَمْ يُوَقِّتْ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ حَدِيثِ الْبَابِ عِنْدَهُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ اسْتَحَبَّ أَصْحَابُنَا لِأَهْلِ السَّعَةِ كَوْنَهَا أُسْبُوعًا فَأَخَذَتْ الْمَالِكِيَّةُ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْبُخَارِيِّ.
(وَعَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ) أَيْ ابْنِ أَبِي عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْحِجِّيِّ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ قِيلَ إنَّهَا رَأَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقِيلَ إنَّهَا لَمْ تَرَهُ، وَجَزَمَ ابْنُ سَعْدٍ بِأَنَّهَا تَابِعِيَّةٌ (قَالَتْ «أَوْلَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ». أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ) قَالَ الْمُصَنِّفُ لَمْ أَقِفْ عَلَى تَعْيِينِ اسْمِهَا يَعْنِي بَعْضِ نِسَائِهِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا قَالَ، وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا أُمُّ سَلَمَةَ، وَقِيلَ إنَّهَا وَلِيمَةُ عَلِيٍّ بِفَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَأَرَادَ بِبَعْضِ نِسَائِهِ مَنْ تَنْتَسِبُ إلَيْهِ مِنْ النِّسَاءِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ كَانَ خِلَافُ الْمُتَبَادِرِ إلَّا أَنَّهُ يَدُلُّ لَهُ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ لَقَدْ أَوْلَمَ عَلِيٌّ بِفَاطِمَةَ فَمَا كَانَتْ وَلِيمَةٌ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَفْضَلَ مِنْ وَلِيمَتِهِ، رَهَنَ دِرْعَهُ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِشَطْرٍ شَعِيرٍ، وَلَعَلَّهُ الْمُرَادُ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ لِأَنَّ الْمُدَّيْنِ نِصْفُ صَاعٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ شَطْرَ صَاعٍ فَيَنْطَبِقُ عَلَى الْقِصَّةِ الَّتِي فِي الْبَابِ، وَيَكُونُ نِسْبَةُ الْوَلِيمَةِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَجَازِيَّةً إمَّا لِكَوْنِهِ الَّذِي وَفَّى الْيَهُودِيَّ مِنْ شَعِيرِهِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ (قُلْت) وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ تَكَلُّفٌ، وَلَا مَانِعَ أَنْ يُولِمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمُدَّيْنِ، وَيُولِمَ عَلِيٌّ أَيْضًا بِمُدَّيْنِ، وَالْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ وَلِيمَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «أَقَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ خَيْبَرَ، وَالْمَدِينَةِ ثَلَاثَ لَيَالٍ يُبْنَى عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ، فَدَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ إلَى وَلِيمَتِهِ، فَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ وَلَا لَحْمٍ، وَمَا كَانَ فِيهَا إلَّا أَنْ أَمَرَ بِالْأَنْطَاعِ فَبُسِطَتْ، فَأُلْقِيَ عَلَيْهَا التَّمْرُ وَالْأَقِطُ وَالسَّمْنُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute