للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩٧٨ - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى الْوَلِيمَةِ فَلْيَأْتِهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِمُسْلِمٍ «إذَا دَعَا أَحَدَكُمْ أَخَاهُ فَلْيُجِبْ عُرْسًا كَانَ أَوْ نَحْوَهُ».

الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَمَّا خَطَبَ عَلِيٌّ فَاطِمَةَ لَا بُدَّ مِنْ وَلِيمَةٍ»، وَسَنَدُهُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى لُزُومِ الْوَلِيمَةِ، وَهُوَ فِي مَعْنَى الْوُجُوبِ، وَمَا أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «الْوَلِيمَةُ حَقٌّ وَسُنَّةٌ فَمَنْ دُعِيَ، وَلَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى» وَالظَّاهِرُ مِنْ الْحَقِّ الْوُجُوبُ، وَقَالَ أَحْمَدُ الْوَلِيمَةُ سُنَّةٌ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ مَنْدُوبَةٌ، وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَوْجَبَهَا، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ الْخِلَافَ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى النَّدْبِيَّةِ بِمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا أَعْلَمُ أَمَرَ بِذَلِكَ غَيْرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَلَا أَعْلَمُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرَكَ الْوَلِيمَةَ رَوَاهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ فَجَعَلَ ذَلِكَ مُسْتَنِدًا إلَى كَوْنِ الْوَلِيمَةِ غَيْرَ وَاجِبَةٍ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وَقْتِ الْوَلِيمَةِ هَلْ هِيَ عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ عَقِبَهُ أَوْ عِنْدَ الدُّخُولِ، وَهِيَ أَقْوَالٌ فِي مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَبَعْدَ الدُّخُولِ وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّهَا عِنْدَ الدُّخُولِ قَالَ ابْنُ السُّبْكِيّ: وَالْمَنْقُولُ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا بَعْدَ الدُّخُولِ، وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى قِصَّةِ زَوَاجِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ لِقَوْلِ أَنَسٍ «أَصْبَحَ يَعْنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرُوسًا بِزَيْنَبِ فَدَعَا الْقَوْمَ»، وَقَدْ تَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ بَابَ وَقْتِ الْوَلِيمَةِ.

وَأَمَّا مِقْدَارُهَا فَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الشَّاةَ أَقَلُّ مَا يُجْزِئُ إلَّا أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْلَمَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، وَغَيْرِهَا بِأَقَلَّ مِنْ شَاةٍ، وَأَوْلَمَ عَلَى زَيْنَبَ بِشَاةٍ، وَقَالَ أَنَسٌ لَمْ يُولِمْ عَلَى غَيْرِ زَيْنَبَ بِأَكْثَرَ مِمَّا أَوْلَمَ عَلَيْهَا إلَّا أَنَّهُ أَوْلَمَ عَلَى مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ لَمَّا تَزَوَّجَهَا بِمَكَّةَ عَامَ الْقَضِيَّةِ، وَطَلَبَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَنْ يَحْضُرُوا فَامْتَنَعُوا بِأَكْثَرَ مِنْ وَلِيمَتِهِ عَلَى زَيْنَبَ»، وَكَأَنَّ أَنَسًا يُرِيدُ أَنَّهُ وَقَعَ فِي وَلِيمَةِ زَيْنَبَ بِالشَّاةِ مِنْ الْبَرَكَةِ فِي الطَّعَامِ مَا لَمْ يَقَعْ فِي غَيْرِهَا فَإِنَّهُ أَشْبَعَ النَّاسَ خُبْزًا وَلَحْمًا فَكَانَ الْمُرَادُ لَمْ يُشْبِعْ أَحَدًا خُبْزًا وَلَحْمًا فِي وَلِيمَةٍ مِنْ وَلَائِمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْثَرَ مِمَّا وَقَعَ فِي وَلِيمَةِ زَيْنَبَ.

(وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى وَلِيمَةٍ فَلْيَأْتِهَا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِمُسْلِمٍ) أَيْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «إذَا دَعَا أَحَدَكُمْ أَخَاهُ فَلْيُجِبْ عُرْسًا كَانَ أَوْ نَحْوَهُ» الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ دَالٌّ عَلَى وُجُوبِ الْإِجَابَةِ إلَى الْوَلِيمَةِ، وَالثَّانِي دَالٌّ عَلَى وُجُوبِهَا إلَى كُلِّ دَعْوَةٍ، وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَا عَنْ رَاوٍ وَاحِدٌ، وَقَدْ أَخَذَتْ الظَّاهِرِيَّةُ، وَبَعْضُ

<<  <  ج: ص:  >  >>