١٠٦٨ - وَعَنْ طَارِقٍ الْمُحَارِبِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ النَّاسَ وَيَقُولُ: يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ: أُمَّك وَأَبَاك، وَأُخْتَك وَأَخَاك، ثُمَّ أَدْنَاك فَأَدْنَاك» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالدَّارَقُطْنِيّ.
النِّسَاءِ، وَلَا يَسْرِقْنَ قَالَتْ هِنْدُ لَا أُبَايِعُك عَلَى السَّرِقَةِ إنِّي أَسْرِقُ مِنْ زَوْجِي فَكَفَّ حَتَّى أَرْسَلَ إلَى أَبِي سُفْيَانَ يَتَحَلَّلُ لَهَا مِنْهُ، فَقَالَ أَمَّا الرَّطْبُ فَنَعَمْ وَأَمَّا الْيَابِسُ فَلَا»، وَهَذَا الْمَذْكُورُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَضَى عَلَى حَاضِرٍ إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ مَا بَوَّبَ لَهُ الْبُخَارِيُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقِصَّةَ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ كَوْنِهِ فُتْيَا وَبَيْنَ كَوْنِهِ حُكْمًا وَكَوْنُهُ فُتْيَا أَقْرَبُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَالِبْهَا بِبَيِّنَةٍ، وَلَا اسْتَحْلَفَهَا، وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ حَكَمَ بِعِلْمِهِ بِصِدْقِهَا فَلَمْ يَطْلُبْ مِنْهَا بَيِّنَةً، وَلَا يَمِينًا، فَهُوَ حُجَّةٌ لِمَنْ يَقُولُ إنَّهُ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِعِلْمِهِ إلَّا أَنَّهُ مَعَ الِاحْتِمَالِ لَا يَنْهَضُ دَلِيلًا عَلَى مُعَيَّنٍ مِنْ صُوَرِ الِاحْتِمَالِ إنَّمَا يَتِمُّ بِهِ الِاسْتِدْلَال عَلَى وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجِ لِلزَّوْجَةِ وَأَوْلَادِهِ وَعَلَى أَنَّ لَهَا الْأَخْذَ مِنْ مَالِهِ إنْ لَمْ يَقُمْ بِكِفَايَتِهَا، وَهُوَ الْحُكْمُ الَّذِي أَرَادَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ إيرَادِ الْحَدِيثِ هَذَا هُنَا فِي بَابِ النَّفَقَاتِ.
(وَعَنْ طَارِقٍ الْمُحَارِبِيِّ) هُوَ طَارِقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَارِبِيُّ بِضَمِّ الْمِيمِ وَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ رَوَى عَنْهُ جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ وَرِبْعِيُّ - بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ - ابْنُ حِرَاشٍ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ (قَالَ «قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ النَّاسَ وَيَقُولُ يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ أُمَّك وَأَبَاك وَأُخْتَك وَأَخَاك ثُمَّ أَدْنَاك فَأَدْنَاك» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالدَّارَقُطْنِيّ). الْحَدِيثُ كَالتَّفْسِيرِ لِحَدِيثِ «الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى» وَفَسَّرَ فِي النِّهَايَةِ الْيَدَ الْعُلْيَا بِالْمُعْطِيَةِ أَوْ الْمُنْفِقَةِ، وَالْيَدَ السُّفْلَى بِالْمَانِعَةِ أَوْ السَّائِلَةِ. وَقَوْلُهُ: «ابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ» دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْإِنْفَاقِ عَلَى الْقَرِيبِ، وَقَدْ فَصَّلَهُ بِذِكْرِ الْأُمِّ قَبْلَ الْأَبِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ فَدَلَّ هَذَا التَّرْتِيبُ عَلَى أَنَّ الْأُمَّ أَحَقُّ مِنْ الْأَبِ بِالْبِرِّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَيَدُلُّ لَهُ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَذَكَرَ الْأُمَّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ ذَكَرَ الْأَبَ مَعْطُوفًا بِثُمَّ فَمَنْ لَا يَجِدْ إلَّا كِفَايَةً لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ خَصَّ بِهَا الْأُمَّ لِلْأَحَادِيثِ هَذِهِ، وَقَدْ نَبَّهَ الْقُرْآنُ عَلَى زِيَادَةِ حَقِّ الْأُمِّ فِي قَوْلِهِ {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا}. وَفِي قَوْلِهِ وَأُخْتَك وَأَخَاك ثُمَّ أَدْنَاك إلَى آخِرِهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْإِنْفَاقِ لِلْقَرِيبِ الْمُعْسِرِ، فَإِنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute