٧٣٩ - وَعَنْهُ قَالَ: «أَعْتَقَ رَجُلٌ مِنَّا عَبْدًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ. فَدَعَا بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَاعَهُ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
٧٤٠ - وَعَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ فَأْرَةً وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ، فَمَاتَتْ فِيهِ، فَسُئِلَ
فَصَحَّ الْبَيْعُ وَحَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ فِيهِ مَقَالٌ مَعَ احْتِمَالِ أَنَّهُ أَرَادَ الشَّرْطَ الْمَجْهُولَ. وَالثَّانِي لِمَالِكٍ أَنَّهُ يَصِحُّ إذَا كَانَتْ الْمَسَافَةُ قَرِيبَةً وَحْدَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَحُمِلَ حَدِيثُ جَابِرٍ عَلَى هَذَا. الثَّالِثُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا وَحَدِيثُ جَابِرٍ مُؤَوَّلٌ بِأَنَّهُ قِصَّةٌ مَوْقُوفَةٌ يَتَطَرَّقُ إلَيْهَا الِاحْتِمَالَاتُ قَالُوا وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرَادَ أَنْ يُعْطِيَهُ الثَّمَنَ وَلَمْ يُرِدْ حَقِيقَةَ الْبَيْعِ: قَالُوا وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الشَّرْطَ لَيْسَ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ فَلَعَلَّهُ كَانَ سَابِقًا فَلَمْ يُؤَثِّرْ ثُمَّ تَبَرَّعَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِرْكَابِهِ وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ الْأَوَّلُ وَهُوَ صِحَّةُ مِثْلِ هَذَا الشَّرْطِ وَكُلِّ شَرْطٍ يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ كَإِيصَالِ الْمَبِيعِ إلَى الْمَنْزِلِ وَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ وَسُكْنَى الدَّارِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ بَاعَ دَارًا وَاسْتَثْنَى سُكْنَاهَا شَهْرًا. ذَكَرَهُ فِي الشِّفَاءِ.
(وَعَنْهُ) أَيْ عَنْ جَابِرٍ (قَالَ: «أَعْتَقَ رَجُلٌ مِنَّا أَيْ مِنْ الْأَنْصَارِ عَبْدًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ أَيْضًا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَدَعَا بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَاعَهُ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَنْ جَابِرٍ أَيْضًا وَسَمَّيَا فِيهِ الْعَبْدَ وَالرَّجُلَ وَلَفْظُهُ " عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو مَذْكُورٍ أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ يُقَالُ لَهُ أَبُو يَعْقُوبَ عَنْ دُبُرٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَدَعَا بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ مَنْ يَشْتَرِيه فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ النُّحَامِ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَدَفَعَهَا إلَيْهِ» زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَقَدْ تَرْجَمَ لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي بَابِ الِاسْتِقْرَاضِ فَقَالَ: مَنْ بَاعَ مَالَ الْمُفْلِسِ وَقَسَّمَهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ أَوْ أَعْطَاهُ إيَّاهُ حَتَّى يُنْفِقَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَأَشَارَ إلَى عِلَّةِ بَيْعِهِ وَهُوَ الِاحْتِيَاجُ إلَى ثَمَنِهِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُهُمْ عَلَى مَنْعِ الْمُفْلِسِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ، وَعَلَى أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَبِيعَ عَنْهُ وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ أَبْحَاثِهِ فِي بَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(وَعَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ فَأْرَةً وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَمَاتَتْ فِيهِ فَسُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوهُ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَزَادَ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ فِي سَمْنٍ جَامِدٍ) دَلَّ أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِلْقَاءِ مَا حَوْلَهَا وَهُوَ مَا لَامَسَتْهُ مِنْ السَّمْنِ عَلَى نَجَاسَةِ الْمَيْتَةِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا حَوْلَهَا مَا لَاقَاهَا. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي فَتْحِ الْبَارِي: لَمْ يَأْتِ فِي طَرِيقٍ صَحِيحَةٍ تَحْدِيدُ مَا يُلْقَى لَكِنْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ مُرْسَلِ عَطَاءٍ أَنْ يَكُونَ قَدْرَ الْكَفِّ، وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ لَوْلَا إرْسَالُهُ. وَدَلَّ مَفْهُومُ قَوْلِهِ جَامِدًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَائِعًا لَنَجَسَ كُلُّهُ لِعَدَمِ تَمَيُّزِ مَا لَاقَاهَا مِمَّا لَمْ يُلَاقِهَا وَدَلَّ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِالدُّهْنِ الْمُتَنَجِّسِ فِي شَيْءٍ مِنْ الِانْتِفَاعَاتِ إلَّا أَنَّهُ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّهُ يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي غَيْرِ الْأَكْلِ وَدُهْنِ الْآدَمِيِّ فَيُحْمَلُ هَذَا وَمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ فَلَا تَقْرَبُوهُ عَلَى الْأَكْلِ وَالدُّهْنِ لِلْآدَمِيِّ جَمْعًا بَيْنَ مُقْتَضَى الْأَدِلَّةِ نَعَمْ، وَأَمَّا مُبَاشَرَةُ النَّجَاسَةِ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ جَائِزٍ إلَّا لِإِزَالَتِهَا عَمَّا وَجَبَ أَوْ نَدَبَ إزَالَتُهَا عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ لِأَنَّهُ لِدَفْعِ مَفْسَدَتِهَا، وَبَقِيَ الْكَلَامُ فِي مُبَاشَرَتِهَا لِتَسْجِيرِ التَّنُّورِ وَإِصْلَاحِ الْأَرْضِ بِهَا فَقِيلَ هُوَ طَلَبُ مَصْلَحَتِهَا وَأَنَّهُ يُقَاسُ جَوَازُ الْمُبَاشَرَةِ لَهُ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ لِإِزَالَةِ مَفْسَدَتِهَا، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهَا تَدْخُلُ إزَالَةُ مَفْسَدَتِهَا تَحْتَ جَلْبِ مَصْلَحَتِهَا فَتَسْجِيرُ التَّنُّورِ بِهَا يَدْخُلُ فِيهِ الْأَمْرَانِ إزَالَةُ مَفْسَدَةٍ بَقَاءُ عَيْنِهَا وَجَلْبُ الْمَصْلَحَةِ لِنَفْعِهَا فِي التَّسْجِيرِ، وَحِينَئِذٍ فَجَوَازُ الْمُبَاشَرَةِ لِلِانْتِفَاعِ لَا إشْكَالَ فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute