٣٦ - وَعَنْ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَسْبِغْ الْوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ، وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا» أَخْرَجَهُ الْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَلِأَبِي دَاوُد فِي رِوَايَةٍ «إذَا تَوَضَّأْت فَمَضْمِضْ».
وَعَنْ " لَقِيطٍ " بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْقَافِ، ابْنُ عَامِرِ بْنِ صَبِرَةَ بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ، وَكُنْيَتُهُ " أَبُو رَزِينٍ "، كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ؛ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ، عِدَادُهُ فِي أَهْلِ الطَّائِفِ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَسْبِغْ الْوُضُوءَ» الْإِسْبَاغُ: الْإِتْمَامُ وَاسْتِكْمَالُ الْأَعْضَاءِ «وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ» ظَاهِرٌ فِي إرَادَةِ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «إذَا تَوَضَّأْتَ فَخَلِّلْ أَصَابِعَ يَدَيْكَ وَرِجْلَيْكَ» يَأْتِي مَنْ أَخْرَجَهُ قَرِيبًا «وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا» [أَخْرَجَهُ الْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ
]، وَلِأَبِي دَاوُد فِي رِوَايَةٍ «إذَا تَوَضَّأْتَ فَمَضْمِضْ» وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ؛ وَالشَّافِعِيُّ، وَابْنُ الْجَارُودِ؛ وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ؛ وَالْبَيْهَقِيُّ؛ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْبَغَوِيُّ، وَابْنُ قَطَّانَ وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ إسْبَاغِ الْوُضُوءِ، وَهُوَ إتْمَامُهُ، وَاسْتِكْمَالُ الْأَعْضَاءِ، وَفِي الْقَامُوسِ: أَسْبَغَ الْوُضُوءَ أَبْلَغَهُ مَوَاضِعَهُ، وَوَفَّى كُلَّ عُضْوٍ حَقَّهُ، وَفِي غَيْرِهِ مِثْلُهُ فَلَيْسَ التَّثْلِيثُ لِلْأَعْضَاءِ مِنْ مُسَمَّاهُ، وَلَكِنَّ التَّثْلِيثَ مَنْدُوبٌ، وَلَا يَزِيدُ عَلَى الثَّلَاثِ، فَإِنْ شَكَّ هَلْ غَسَلَ الْعُضْوَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا جَعَلَهَا مَرَّتَيْنِ. وَقَالَ الْجُوَيْنِيُّ: يَجْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثًا، وَلَا يَزِيدُ عَلَيْهَا مَخَافَةً مِنْ ارْتِكَابِ الْبِدْعَةِ.
وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ سَبْعًا فَفِعْلُ صَحَابِيٍّ لَا حُجَّةَ فِيهِ؛ وَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَغْسِلُ الْأَرْبَعَ مِنْ نَجَاسَةٍ لَا تَزُولُ إلَّا بِذَلِكَ، وَدَلِيلٌ عَلَى إيجَابِ تَخْلِيلِ الْأَصَابِعِ؛ وَقَدْ ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ، وَهُوَ الَّذِي أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَحْمَدُ؛ وَابْنُ مَاجَهْ، وَالْحَاكِمُ، وَحَسَّنَهُ الْبُخَارِيُّ، وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ يُخَلِّلَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى بِالْخِنْصَرِ مِنْهَا، وَيَبْدَأَ بِأَسْفَلِ الْأَصَابِعِ، وَأَمَّا كَوْنُ التَّخْلِيلِ بِالْيَدِ الْيُسْرَى فَلَيْسَ فِي النَّصِّ، وَإِنَّمَا قَالَ الْغَزَالِيُّ: إنَّهُ يَكُونُ بِهَا قِيَاسًا عَلَى الِاسْتِنْجَاءِ. وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ، مِنْ حَدِيثِ " الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ ": «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا تَوَضَّأَ يُدَلِّكُ بِخِنْصَرِهِ مَا بَيْنَ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ» وَفِي لَفْظٍ لِابْنِ مَاجَهْ: [يُخَلِّلُ] بَدَلَ يُدَلِّكُ.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الِاسْتِنْشَاقِ لِغَيْرِ الصَّائِمِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute