للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٨٨٩ - وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ لُقَطَةِ الْحَاجِّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ

تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي اللُّقَطَةِ وَالْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ، وَأَفَادَ هَذَا الْحَدِيثُ زِيَادَةَ وُجُوبِ الْإِشْهَادِ بِعَدْلَيْنِ عَلَى الْتِقَاطِهَا، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى هَذَا أَبُو حَنِيفَةَ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ فَقَالُوا: يَجِبُ الْإِشْهَادُ عَلَى اللُّقَطَةِ، وَعَلَى أَوْصَافِهَا، وَذَهَبَ الْهَادِي وَمَالِكٌ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ إلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِشْهَادُ قَالُوا لِعَدَمِ ذِكْرِ الْإِشْهَادِ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فَيُحْمَلُ هَذَا عَلَى النَّدْبِ، وَقَالَ الْأَوَّلُونَ هَذِهِ الزِّيَادَةُ بَعْدَ صِحَّتِهَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهَا فَيَجِبُ الْإِشْهَادُ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ عَدَمُ ذِكْرِهِ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَحَادِيثِ، وَالْحَقُّ وُجُوبُ الْإِشْهَادِ، وَفِي قَوْلِهِ «فَهُوَ مَالُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ» دَلِيلٌ لِلظَّاهِرِيَّةِ فِي أَنَّهَا تَصِيرُ مِلْكًا لِلْمُلْتَقِطِ، وَلَا يَضْمَنُهَا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا سَلَفَ مِنْ إيجَابِ الضَّمَانِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ فَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَحِلُّ انْتِفَاعُهُ بِهَا بَعْدَ مُرُورِ سَنَةِ التَّعْرِيفِ.

(وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ) هُوَ قُرَشِيٌّ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ صَحَابِيٌّ، وَقِيلَ إنَّهُ أَدْرَكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَيْسَتْ لَهُ رُؤْيَةٌ، وَأَسْلَمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَقِيلَ: يَوْمَ الْفَتْحِ، وَقُتِلَ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ (أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ لُقَطَةِ الْحَاجِّ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ) أَيْ عَنْ الْتِقَاطِ الرَّجُلِ مَا ضَاعَ لِلْحَاجِّ، وَالْمُرَادُ مَا ضَاعَ فِي مَكَّةَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهَا «لَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إلَّا لِمُنْشِدٍ» وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ حَمْلُ الْجُمْهُورِ عَلَى أَنَّهُ نَهَى عَنْ الْتِقَاطِهَا لِلتَّمَلُّكِ لَا لِلتَّعْرِيفِ بِهَا فَإِنَّهُ يَحِلُّ قَالُوا: وَإِنَّمَا اخْتَصَّتْ لُقَطَةُ الْحَاجِّ بِذَلِكَ لِإِمْكَانِ إيصَالِهَا إلَى أَرْبَابِهَا لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ لِمَكِّيٍّ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَتْ لِآفَاقِيٍّ فَلَا يَخْلُو أُفُقٌ فِي الْغَالِبِ مِنْ وَارِدٍ مِنْهُ إلَيْهَا فَإِذَا عَرَّفَهَا وَاجِدُهَا فِي كُلِّ عَامٍ سَهُلَ التَّوَصُّلُ إلَى مَعْرِفَةِ صَاحِبِهَا قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ: هِيَ كَغَيْرِهَا مِنْ الْبِلَادِ، وَإِنَّمَا تَخْتَصُّ مَكَّةُ بِالْمُبَالَغَةِ فِي التَّعْرِيفِ لِأَنَّ الْحَاجَّ يَرْجِعُ إلَى بَلَدِهِ، وَقَدْ لَا يَعُودُ فَاحْتَاجَ الْمُلْتَقِطُ إلَى الْمُبَالَغَةِ فِي التَّعْرِيفِ بِهَا، وَالظَّاهِرُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ، وَأَنَّ حَدِيثَ النَّهْيِ هَذَا مُقَيَّدٌ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ الْتِقَاطُهَا إلَّا لِمُنْشِدٍ فَاَلَّذِي اخْتَصَّتْ بِهِ لُقَطَةُ مَكَّةَ أَنَّهَا لَا تُلْتَقَطُ إلَّا لِلتَّعْرِيفِ بِهَا أَبَدًا فَلَا تَجُوزُ لِلتَّمَلُّكِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي لُقَطَةِ الْحَاجِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>